شهر رمضان
فاضل الله سبحانه وتعالى بحكمته وعظمته بين جميع خلقه زماناً ومكاناً، ففضل أماكناً على اخرى، وفضل بعض الأزمنة على اخرى، كيوم الجمعة على سائر الأيام، وشهر رمضان على سائر الشهور، فهو فيها كالشمس بين الكواكب، فاختص الله هذا الشهر بفضائل عظيمة ومزايا كبيرة، فهو الشهر الذي أنزل فيه القرآن، قال تعالى: "شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدىً للناس وبينات من الهدى والفرقان"
وهو الشهر الذي فرض الله صيامه دوناً عن الشهور، فمن صامه وقامه إيماناً واحتساباً، غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن أدركه فلم يغفر له فقد رغم أنفه وأبعده الله، بذلك دعا عليه جبريل عليه السلام، وأمن على تلك الدعوة نبينا صلى الله عليه وسلم.
كما جعله الله شهراً للتوبة والمغفرة، وتكفير الذنوب والسيئات، وشهر العتق من النار، فيه تفتح أبواب الجنان وتغلق أبواب النيران، وتصفد الشياطين، وهو شهر الصبر، فالصبر لا يتجلى في عبادة كما يتجلى في الصوم، ففيه يحبس المسلم نفسه عن شهواتها ومحبوباتها، ولهذا كان الصوم نصف الصبر، وجزاء الصبر الجنة.
وهو شهر الدعاء وشهر الجود والإحسان، وشهر فيه ليلة القدر، التي جعل الله العمل فيها خيراً من العمل في ألف شهر، والمحروم من حُرِم خيرها.
فضائل شهر رمضان
إن لشهر رمضان المبارك فضائل عظيمة ومكانة كبيرة في الإسلام، فهو الركن الرابع من أركان الإسلام، والتي لا يصح الإسلام دونها. وقد جاء في الكثير من النصوص الدينية ما يبين فضل شهر رمضان ومزاياه التي يتميز بها عن سائر الشهور، ومن تلك النصوص ما يأتي:
• شهر رمضان هو فرصة مميزة لتلاوة القرآن وتدبره، فتلاوته وختمه في هذا الشهر لا تقتصر على القراءة فقط، بل يجب تدبر معانيه، وفهمه وتحليله واستنباط المقصود من الآيات والأحكام الشرعية للعمل بها.
• تعادل العمرة في شهر رمضان أجر حجة، وذلك وفقاً لما جاء في الحديث الشريف عن الرسول عليه السلام: "إنَّ الحَجَّ والعُمْرةَ لَمن سَبِيلِ اللهِ، وأنَّ عُمرةً في رمضانَ تَعدِلُ حَجَّةً".
• تفتح أبواب السماء وأبواب الجنة في شهر رمضان، وتغلق أبواب جهنم، وتصفد الشياطين. يقول الرسول عليه السلام: "إذا دخل شهر رمضان فُتِّحَت أبواب السماء، وغُلِّقَت أبواب جهنم، وسُلْسلت الشياطين".
• يتميز شهر رمضان بصلاة التراويح أو صلاة القيام، وهي صلاة لا تقام إلا في شهر رمضان، وتعتبر من أجمل الطقوس الدينية في هذا الشهر الفضيل.
• صيام شهر رمضان يكفر الخطايا باستثناء الكبائر، وذلك كما ورد في الحديث الشريف عن الرسول عليه السلام: "الصَّلواتُ الخمسُ والجمُعةُ إلى الجمعةِ ورمضانُ إلى رمضانَ مُكفِّراتٌ ما بينَهنَّ إذا اجتنَبَ الْكبائرَ".
• ان الاعتكاف في شهر رمضان له ضعف أجر الاعتكاف في سائر الايام، ويكون الاعتكاف بالصلاة، وقراءة القرآن، والامتناع عن المحرمات، وهو الأمر الذي ثبت عن الرّسول عليه السلام كما في الحديث الشريف: "أن النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يعتكفُ العشرَ الأواخرَ من رمضانَ حتى توفاهُ اللهُ، ثم اعتكفَ أزواجُهُ من بعدِهِ".
• كرم الله تعالى شهر رمضان بأن أنزل فيه القرآن على نبيه عليه السلام، وهو ما يتوضح في الآية الكريمة: "شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ".
• يحظى رمضان بميزة عظيمة من بين ميزاته الأخرى عن باقي الشهور، وهي ان فيه ليلة القدر، وهي ليلة يغفر الله فيها لعباده المسلمين خطاياهم، وتغسل فيها ذنوبهم، وفي صوم وقيام هذه الليلة الكثير من الأجر كما ورد في الحديث الشريف عن الرسول عليه السلام: "مَن قام ليلةَ القدرِ إيمانًا واحتسابًا، غُفِرَ له ما تقدَّمَ من ذنبِه، ومَن صام رمضانَ إيمانًا واحتسابًا غُفِرَ له ما تقدَّمَ من ذنبِه".
أمور مستحبة في شهر رمضان
من الأمور التي يمكن للمسلم القيام بها واستغلال شهر رمضان للمداومة عليها ما يأتي:
• تعلم الصبر: فمن يصبر على الجوع والعطش يستطيع الصبر على الأمور الأخرى التي تحتاج وقت انتظار، والصبر خصلة مهمة يجب على الجميع أن يتحلّى بها.
• تطهير النفوس من الضغينة: فيُنقّي المسلم نفسه من الأحقاد والخصومات السابقة طمعاً بالأجر والمغفرة، فيسامح من أخطأ بحقّه، ويعتذر ممّن تسبّب لهم بالأذى، فتصفو النفوس، وتزول الخطايا، وتسود المحبّة بين المجتمع في حال الاستمرار على هذا الأمر حتى بعد انتهاء شهر رمضان.
• تغيير العادات: ففي رمضان تكمن فرصة تغيير العادات السيئة استبدالها بأخرى جيّدة، كالسّهر الطويل ليلاً والنوم كثيراً في النهار، ففي رمضان يسهل تحديد جدول يومي والالتزام به في هذا الشهر وما بعده ليصبح نظاماً واضحاً.
• كسر شهوات النفس: شهوة الجسد، واللسان، والعين، والأذن، وباقي الجوارح، فيمتنع عن السّب والشّتم وسوء الخلق كامتناعه عن الطعام والشراب، والحاجة الجسدية، وغضّ البصر، وكفّ الأذى، وتجنّب الإصغاء إلى المُحرّمات.
المراجع
"شهر رمضان"، المعجم الإسلامي. بتصرّف.
أحمد عرفة، "من فضـائل شهر رمـضان"، صيد الفوائد. بتصرّف.
رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1899 .
أ ب رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1901.
رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أم معقل الأسدية، الصفحة أو الرقم: 1599.
رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 233.
رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 2026.
رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن ابن عباس، الصفحة أو الرقم: 6.
أحمد العسّاف "27-7-2010"، "رمضان الضيف المعلم"، قصة الإسلام. بتصرّف.