خلق الله عزّ وجلّ الأرض بدقة متناهية، وجعل على سطحها التضاريس المختلفة والمتباينة التي تضمن توازنه، كما جعل عليه غطاءً نباتياً يضم ملايين الأنواع من النباتات المختلفة، إلّا أنّ هذا الغطاء النباتي أخذ بالتناقص شيئاً فشيئاً مع مرور الوقت، بسبب زيادة عدد السكان على هذه الأرض، الأمر الذي أدى إلى زيادة الزحف العمراني على حساب الغطاء النباتي، بالإضافة إلى العادات والأنشطة البشرية الخاطئة التي ألحقت أضراراً بالغة بالنباتات، كإشعال الحرائق والرعي الجائر، وغيرها من الأنشطة، التي أدّت إلى تناقص المساحات الخضراء على سطح الأرض، متجاهلين الدور المهم الذي تلعبه النباتات في البيئة والأهمية وفائدة الكبيرة التي تقدمها للإنسان، لذا سيكون موضوع حديثنا في هذا المقال عن المساحات الخضراء وأهميتها للإنسان والبيئة.
ما أهمية المساحات الخضراء للتنوع البيولوجي و للبيئة الحضرية ؟
غالبا ما تكون البساتين و الحدائق و حتى المقابر أماكن غنية بالتنوع البيولوجي، بحيث تشكل المساكن الأساسية لعدد كبير من النباتات والحيوانات. وتعمل هذه الأوساط باستقرارها منذ زمن بعيد على جذب عدد كبير من الحيوانات كالطيور و الثديات رغم أن مسكنهم الطبيعي هو الغابة.
وبما أن جزء من الكائنات الغابية تعيش في الأوساط الحضرية التي توفر لها غذائها اليومي فهي تعتبر أوساط مهمة جدا ويمكن استغلالها في عملية التحسس البيئي للتعرف على الطبيعة. اعتبرت الطبيعة المستحضرة من طرف الإنسان أقل أهمية من الطبيعة التي لم تشهد أي تغيير في مكوناتها وأنها تتميز بعدد قليل من أنواع الكائنات الحية مقارنة بالأخرى. غير أن باحثة إنجليزية تملك بستان عادي فيه 700م2، يتكون من مزيج من أنواع من النباتات منها البرية ذكرت أنها تستقبل في بستانها عدد كبير من الحشرات البرية 30 % منها من الفراشات، وهذا ما يؤكد أن هذه الأوساط تستجيب لمتطلبات الكثير من الكائنات الحية.
والسبب الذي يؤدي بـالمساحات الخضراء في الأوساط الحضرية أن تكون فقيرة من حيث التنوع البيولوجي هو كونها مغطاة بأحجار أو بطبقة عشبية من نوع واحد وبأشجار منعزلة. تقوم الأشجار بامتصاص بعض الملوثات الغازية كالأوزون، وثاني أكسيد الكبريت، وثاني أكسيد الأوزون بذلك تصفي الهواء منها. ولما تقوم الأشجار بعملية نتح بخار الماء فهي تساهم بذلك في انخفاض درجة حرارة هواء الجو.
تلعب أيضا الأشجار المغروسة على حواف الطرقات وحول المصانع دور كبير في تصفية الهواء من الملوثات ولكنها لا تعتبر وسيلة لمحاربة التلوث من مصدره.
وقد أصبح التشجير واستغلال حتى أصغر المساحات في الدوائر الحكومية والجهات الرسمية بمثابة ضرورة وليس ترفاً أو رفاهية حيث أثبتت الدراسات والأبحاث العلمية أن أنتاج الفرد يزيد إذا وجد في مكان فيه خضرة دائمة ومنظر جميل حيث تضفي هذه النباتات أحساس بالحيوية والانتعاش الدائمين نتيجة للتقليل من الملل الناتج من ا لخطوط الحادة والثابتة للمباني والجدران.
ولا تقتصر فائدة النباتات سواءً الأشجار أو الشجيرات أو المسطحات الخضراء على التجميل فقط إذ أن لها عدة فوائد كثيرة وهامة جدًا في حياتنا... فالخضرة تؤدي إلى حماية البيئة من التلوث مما يؤثر من الناحية الصحية للمواطنين كذلك فإنها من العوامل الهامة في الحد من تصاعد الغبار وذلك عن طريق تثبيت التربة بجذورها وذلك يساعد أيضاً على الحد من الأمراض الصدرية.
كذلك توفر التظليل ..
ومن فوائد الأشجار تقليل الإشعاع الضوئي عن طريق انعكاسات الأشعة على الأوراق مما يؤدي إلى انخفاض درجات الحرارة ومع انخفاض درجات الحرارة وكذلك انخفاض الإشعاع الشمسي ومنع وصول الرياح وتقليل حركتها يؤدي ذلك إلى رفع الرطوبة الجوية كما أن زراعة الأشجار تؤدي إلى تقليل الضوضاء عن طريق انكسار الصوت وامتصاصه من الأشجار وهذه الضوضاء تسبب ضغطًا عصبيًا على الإنسان وهي ناتجة من ثقل حركة المرور وأنواع المركبات المختلفة والأسنان وسلوكياته، كما أن الأشجار تؤدي إلى زيادة أنتاج الأكسجين عن طريق عملية التمثيل الضوئي حيث تمتص الأشجار ثاني أكسيد الكربون وتنتج الأكسجين وبالتالي يكون الجو صحيًا ونقيًا.
كما أن الأشجار تنظم الهواء داخل المدن حيث أيضا تساعد في تحديد مسارات الرياح عند زراعتها في الاتجاهات التي تهب منها الر وما الحدائق إلاّ رباط قوي بين الإنسان وما يحيط به من عالم يعيش فيه، فالإنسان يشعر بالفطرة بحاجته الشديدة إلى وجود مكان تهدأ فيه نفسه وتطمئن إليه أحاسيسه ووجدانه ويستريح فيه بالتطلع إلى جماله يعوضه الكثير من عناء مشقة العمل.
وفي النهاية..
من الممكن إجمال فوائد المسطحات الخضراء في ثلاث فوائد رئيسية هي:
- الفوائد البيئية والصحية.
- الفوائد الاجتماعية والرياضية.
- الفوائد الجمالية.
أولاً: الفوائد البيئية والصحية:
تعمل المسطحات على تلطيف المناخ المحلي بزراعتها في مساحات كبيرة, وذلك من خلال:
- تقليل الوهج الناتج من أشعة الشمس بامتصاصها الإشعاعات الشمسية.
- خفض درجة الحرارة .
- جرفع الرطوبة النسبية في الجو من خلال البخر و النتح من المسطح.
- زيادة نسبة الأكسجين وخفض نسبة ثاني أكسيد الكربون من خلال عملية التمثيل الضوئي .
- تنقية الجو من التلوث .
- منع آثار الأتربة والغبار من الأماكن المنزرعة بها.
- منع تعرية التربة وانجرافها وتثبيت وتحسين خواص التربة ورفع نسبة المادة العضوية بها.
- المحافظة على الرطوبة الأرضية بتقليل البخر من المسطح.
ثانياً: الفوائد الاجتماعية والرياضية:
- تستخدم المسطحات الخضراء كأماكن للجلوس وفي ملاعب الأطفال وفي الحدائق المنزلية والعامة, مما يؤدي إلى ترابط أفراد العائلة والمجتمع.
- تشكل المسطحات المكون الرئيسي في ملاعب كرة القدم والكريكيت والجولف.
- ترفع القيمة الاقتصادية للمكان في حالة وجود مسطح أخضر جيد.
- تساعد الخضرة الدائمة للم سطح على إدخال السرور والبهجة في النفس خاصة في المنتجعات الصحية وحول المستشفيات والمنشآت التعليمية.
ثالثاً: الفوائد الجمالية:
يمثل المسطح الأخضر مساحة لا تقل عن 60% في معظم الحدائق وهو العنصر الأساسي في الحدائق ويمثل الواجهة الجمالية والجذابة للحديقة, كما أنه يمثل الحد الأدنى في عناصر التدريج من أشجار إلى شجيرات إلى عشبيات مزهرة إلى المسطح الأخضر الذي يمثل أساس اللوحة الفنية للحديقة ولا تخلو عادةً أي حديقة من المسطح الأخضر.