في أوقات الأزمات، او حدث كبير، وخاصة في هذا الزمن؛ زمن المنبر الحرّ، وشبكات التواصل الإجتماعي، نسمع الكثير من المواقف والتصريحات على مستوى المواطن العادي، وعلى مستوى خبراء، كلٌ في مجاله، إن كان في البعد السياسي او الإجتماعي او الإقتصادي او الأمور الحياتية اليوميّة.
وتطرح اذاعة الشمس الكثير من القضايا، وتستمع لأصوات الناس، كلٌ مع وجهة نظره، حول امور الساعة، وماذا يمكن أن نفعل، وترصد التصريحات والتحليلات كلٌ في بلده ومكانه ومجاله، ودائما يعرف الناس ان هناك مسؤول يريد أن يعبّر عن موقف معين، يمنح شعورًا أن لديه المعلومات الكافية حول الموضوع او الحدث ويعرف كل شيء، ولديه الحلول السحرية لكل عقدة او مشكلة، وهو يعرف كيف تُدار الامور، ويأتيك بالكثير من الحلول، والآن تُطرح قضية العنف والأزمة السياسية، وموقف القائمة المشتركة وهل يجب ان تعطي غطاء لحزب معين وغيرها، او ماذا يمكن أن نفعل لمعالجة قضايا كثيرة ومنها العنف والأرض والمسكن وغيرها.
حين نراقب هذه الأمور نطلب من ذلك الشخص او الناشط او المسؤول، الذي يريد أن يعبّر عن موقف، أن يقفز الى الساحة ويأخذ دور، بمعنى انه دائمًا يريد ان يبقى على الحافّة او الخارج، وفقط يعطيك النصائح عن بعد، دون أن يدخل في غمار المعركة.
وهذا الأمر يذكّر بقصة المثل "الميّ بتكذّب الغطّاس"، والتي تعود الى بلاد ما بين النهرين، قبل قرون، كان النهر هو الذي يكشف من الكاذب، ولم تكن حينها اجهزة لكشف الكذب، فحين يختلف طرفان حول مسألة معينة، ويدّعي كل منهما موقفًا معينًا، كان الناس يأتون بهم الى النهر ثم يقفز كل منهما الى النهر، فمن ينجح بالخروج منه فهو الصادق، وحينها قالوا "الميّ بتكذب الغطاس"، وكما يبدو نحن بحاجة الى الكثير من الأنهار والبحار حتى نكذّب الغطاسين الكثر في مجتمعنا وفي بلادنا.