تلقت مفتشة مدرسية في بلدة غجاكوفا في كوسوفو اتصالًا من إحدى الأمهات، ظنّت أنه يتعلق بمشكلة عادية.
إلا أن ما اكتشفته إراندا كومنوفا كان أكبر من مجرد قضية مدرسية، إذ تبين أن العشرات من المراهقات في البلدة يشوهن أنفسهن للمشاركة في تحدٍ على منصة "تيك توك".
هذه الظاهرة التي صدمت المجتمع التربوي في غجاكوفا وأثارت قلقًا واسعًا بين الآباء والخبراء، سلطت الضوء على تأثير شبكات التواصل الاجتماعي على الصحة النفسية للمراهقين، وما قد تسببه من مخاطر جسيمة تتجاوز حدود اللعب والترفيه.
تحديات تيك توك: تأثيرات خطيرة على صحة المراهقين النفسية في كوسوفو
على الفور، طلبت المفتشة من جميع المعلمين، والمسؤولين التربويين، وعلماء النفس المدرسيين التحقيق في الأمر، ليتبين أن هناك 22 حالة تشويه ذاتي بين الفتيات المراهقات في البلدة، يعود أولها إلى يناير/كانون الثاني.
وأضافت كومنوفا باجي: "في البداية ظننا أنهن أصبن جروحاً بطوعية باستخدام أدوات حادة، ولكن بعد الفحوص الطبية اكتشفنا أن بعض الفتيات أصبن بعشرات الجروح في أنحاء مختلفة من أجسادهن".
الظاهرة صدمت بلدة غجاكوفا، المعروفة بأنها مسقط عدد من الناشطين الألبان. وقالت كومنوفا باجي إن الأمر "لم يكن مجرد صدمة في الوسط التعليمي، بل كان بمثابة زلزال للجميع".
مخاطر تيك توك على الصحة النفسية للشباب
الصحة النفسية
تعد منصة "تيك توك" واحدة من أكثر شبكات التواصل الاجتماعي شعبية في العالم، حيث يبلغ عدد مستخدميها مليار ونصف مليار.
وتستند شهرتها إلى التحديات، وهي حملات تشجع المستخدمين على إنشاء مقاطع فيديو تقليدًا لشيء ما، مثل نكتة أو أغنية أو رقصة، أو حتى تشويه الذات.
وقالت والدة إحدى الضحايا إن أطفالاً لا يتجاوزون التسع سنوات شاركوا في التحدي بعد مشاهدتهم مقاطع على "تيك توك".
وشرحت هذه الأم، التي طلبت ألا يُذكر اسمها، أن الأمر أصبح "مثل لعبة" للفتيات بين تسعة و17 عامًا، حيث يعيدن تصوير ما يرينه على "تيك توك".
وأضافت: "لقد أصبح هذا أسوأ كابوس بالنسبة لي".
على الرغم من أن "تيك توك" تحظر رسمياً مقاطع الفيديو التي تشجع على إيذاء النفس أو الانتحار، إلا أن الخبراء وأولياء الأمور حذروا منذ سنوات من تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على الصحة النفسية، خصوصًا لدى الشباب. ومن أبرز المخاطر المعروفة الإدمان، والتحرش، وفقدان تقدير الذات.
وفي 2023، دعا كبير المسؤولين الطبيين في الولايات المتحدة، فيفيك مورثي، إلى اتخاذ تدابير لحماية الشباب الذين يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي.
المنع
وكتب الدكتور مورثي في مذكرة رسمية: "نواجه أزمة صحية نفسية تؤثر على الشباب، ووسائل التواصل الاجتماعي تلعب دورًا رئيسيًا في ذلك، ويجب معالجته بشكل عاجل".
وفي غجاكوفا، أفاد من تحدثت إليهم وكالة فرانس برس أن نسبة كبيرة من الضحايا استخدمن التشويه الذاتي كوسيلة للتعامل مع حزنهن، في حين أرادت أخريات اختبار مقاومتهن للألم.
وقال بيسفورت كراسنيكي، مدير شركة وأب لثلاثة أطفال: "من الصعب جدًا أن نتقبل أن بناتنا ألحَقْن الأذى بأنفسهن طوعًا".
أما كيندريسا هوتي، مصففة الشعر البالغة 32 عامًا، فقالت: "ليست مجرد مشكلة، بل أكثر من ذلك. أطفالي لا يزالون صغارًا، لكن مخاوفنا تتزايد مع تقدمهم في العمر".
لمكافحة هذه الظاهرة، أطلق القطاع التعليمي في البلدة مبادرات جديدة للتوعية بمخاطر الشبكات الاجتماعية.
ورأت عالمة النفس ميرفت أزيري أن هذه التصرفات مرتبطة ارتباطًا وثيقًا "بقدرة الأطفال على استخدام الشبكات الاجتماعية دون رقابة، حتى في المدرسة أو مع الأسرة".
وأكد الناطق باسم مكتب المدعي العام في كوسوفو، درين دومي، أن السلطات القضائية فتحت تحقيقًا في القضية، وأن الشرطة ستتخذ جميع الإجراءات اللازمة للكشف عن ملابسات الحادث.
لكن بعض الآراء ترى أن الحل الوحيد يكمن في حظر التطبيق. وقالت إ.ز: "على الدولة أن تحظر (تيك توك)، فهذا التطبيق ينشر كل شيء، بما في ذلك المحتويات الأشد خطورة!
طالع أيضًا
بعد واقعة "انتصار حجازي".. كيف نميز الحقيقة عن الزيف في مواقع التواصل الاجتماعي؟