أحدثت الرسوم الجمركية التي فرضتها الولايات المتحدة على عشرات الدول موجة من التقلبات في الأسواق العالمية، وزادت من حالة الغموض في الاقتصاد الدولي.
وفي خضم هذا المشهد، يبرز تساؤل مهم: ما مدى تأثير هذه السياسات التجارية على صناعة الفضاء العالمية؟
تحديات تواجه شركات الفضاء العالمية
بدأت شركات الفضاء، سواء الكبرى مثل "سبيس إكس" و"بوينغ" و"إيرباص"، أو الشركات الناشئة، في دراسة تداعيات الرسوم الجمركية والتخطيط لكيفية مواجهتها.
فالأمر لا يتعلق فقط بارتفاع التكاليف، بل يمتد إلى اضطرابات في سلاسل التوريد وتأخير في اتخاذ القرارات التشغيلية، ما ينعكس مباشرة على وكالات مثل "ناسا" ووكالة الفضاء الأوروبية (ESA).
تكلفة المعدات والتغيير القسري للموردين
صرّح كالب هنري، مدير الأبحاث في شركة Quilty Space، لموقع Space.com بأن آثار الرسوم الجمركية ستكون واسعة النطاق، محليًا ودوليًا.
وأوضح أن التعريفات قد تؤدي إلى ارتفاع تكلفة المركبات الفضائية والمكونات مثل الهوائيات، مما قد يجبر الشركات على البحث عن موردين بديلين، في ظل تعقيدات الوصول إلى السوق الأمريكية.
ويرى هنري أن الشركات الأمريكية قد تكون من أبرز المتضررين، حيث قد يتجه العملاء الأجانب للبحث عن بدائل غير أمريكية لتجنّب الرسوم، مما يُضعف من جاذبية السوق الأمريكية، التي تُعد الأكبر عالميًا في مجال الفضاء. ويضيف: "في النهاية، الجميع سيكون خاسرًا".
سلاسل التوريد العابرة للحدود في مرمى الخطر
يُعد قطاع الفضاء أحد أكثر القطاعات اعتمادًا على سلاسل التوريد الدولية، وهو ما يجعل التأثيرات المرتدة للرسوم الجمركية أكثر حدة.
على سبيل المثال، تستخدم وكالة تطوير الفضاء الأمريكية مكونات من كندا وألمانيا، مثل الهوائيات والوصلات الليزرية، ما يجعل الصناعة عرضة للاضطرابات نتيجة أي إجراءات انتقامية من الدول المتأثرة.
الشركات الصغيرة في مهب الريح
أشار هنري إلى أن الشركات الصغيرة ستكون أكثر تضررًا من نظيراتها الكبرى، بسبب محدودية قوتها التفاوضية وقدرتها على تنويع الموردين.
واستشهد بما حدث خلال أزمة كوفيد-19، حيث تمكنت الشركات الكبيرة من التكيّف بشكل أسرع وأفضل مع اضطرابات سلسلة التوريد.
يرى خبراء أن تداعيات الرسوم الجمركية قد تمتد لتحدث تحولات استراتيجية في قطاع الفضاء العالمي.
وقال ماركو أليبيرتي، المسؤول في المعهد الأوروبي لسياسة الفضاء، إن التكاليف المرتفعة وتأخير سلاسل التوريد سيؤديان إلى تراجع ثقة المستثمرين، وربما يبطئان من نمو اقتصاد الفضاء على المدى المتوسط والبعيد.
تهديدات للقدرة التنافسية الأوروبية
أوضح أليبيرتي أن الشركات الأوروبية قد تضطر لتحمل تكاليف إضافية للحفاظ على وجودها في السوق الأمريكية، أو في بعض الحالات الانتقال فعليًا للعمل من داخل الولايات المتحدة لتجنب الرسوم.
هذا السيناريو قد يُشكل تهديدًا واسعًا لقدرة قطاع الفضاء الأوروبي على الصمود والمنافسة.
الرسوم المضادة… خطر إضافي يهدد الاستقرار
أحد السيناريوهات المقلقة هو فرض رسوم مضادة من الدول المتأثرة على المنتجات الأمريكية. ونظرًا لاعتماد أوروبا الكبير على المكونات والتقنيات الأمريكية، فقد يؤدي هذا إلى ارتفاع الأسعار، وتعطيل عمليات الإنتاج، وتأخير تسليم المشاريع الفضائية الحيوية.
طالع أيضًا