هل تخيلت في يوم ما، أن اليوم الذي تعيشه من الممكن أن يكون أقصر من المعتاد؟
هذا هو ما حدث بالفعل، حيث تستعد الأرض لتسجيل مجموعة من أقصر الأيام على الإطلاق خلال شهري يوليو وأغسطس من العام الجاري، نتيجة تسارع غير متوقع في سرعة دورانها.
وللحديث حول هذه الظاهرة، كانت لنا مداخلة هاتفية في برنامج "يوم جديد" مع البروفيسور محمد عكاشة، المحاضر في الفيزياء الفضائية في التخنيون وفي كلية كنيرت، والذي قال إن هناك العديد من العمليات الفيزيائية والديناميكيات التي تحدث في باطن الأرض، إضافة إلى تأثيرات البيئة الخارجية مثل القمر والكواكب الأخرى، تلعب دورًا في تحديد طول اليوم.
وأضاف: "نظام الـ24 ساعة الذي نعتمده لتقسيم اليوم إلى نهار وليل هو نتاج منظومة دقيقة ومعقدة للغاية ترتبط بدوران الأرض حول نفسها، التغيرات في طول اليوم لم تكن ملحوظة في الماضي بسبب غياب التقنيات الدقيقة، أما اليوم فبفضل التطور العلمي، خاصة في مجال فيزياء الكم واستخدام الساعات الذرية، أصبح بالإمكان قياس طول اليوم بدقة تصل إلى جزء من الألف من الثانية (ملي ثانية)".
أوضح عكاشة أن تقسيم اليوم إلى 24 ساعة، ثم إلى فترتين من 12 ساعة لكل منهما، جاء ليواكب التغيرات الطبيعية بين الليل والنهار، إلا أن التفاصيل الفيزيائية التي تتحكم في هذا النظام أكثر تعقيدًا مما يدركه معظم الناس.
تغير سرعة دوران الأرض
وتابع: "دوران الأرض حول نفسها ليس ثابتًا دائمًا، ففي بعض الأحيان تدور الأرض بسرعة أكبر أو أقل، ما يؤدي إلى تقصير أو إطالة اليوم بفروق زمنية ضئيلة جدًا، لكنها ذات أهمية كبيرة في أنظمة الملاحة وتحديد المواقع مثل الـGPS، حيث تعتمد هذه الأنظمة على دقة زمنية تصل إلى واحد من المليار من الثانية".
وأشار عكاشة إلى أن هذه التغيرات الصغيرة في طول اليوم لا تؤثر بشكل مباشر على حياة الإنسان اليومية، لكنها حاسمة بالنسبة للأنظمة التقنية المتقدمة.
هل سنتدخل لضبط الوقت؟
وأوضح أنه في حال استمرار هذه التغيرات لسنوات متتالية، قد تضطر الجهات المسؤولة عن ضبط الوقت عالميًا إلى إضافة ثانية أو دقيقة للتقويم الزمني، لكن هذا الإجراء نادر ويحتاج إلى عقود من الرصد الدقيق.
وعن إمكانية توقع هذه التغيرات مسبقًا، أكد عكاشة أن العمليات الفيزيائية التي تحدد استطالة أو تقصير اليوم هي عمليات غير خطية ومعقدة للغاية، ولا يمكن التنبؤ بها بدقة حتى الآن.
وأوضح: "العوامل المؤثرة تشمل هزات أرضية، حركات اللب الأرضي، وذوبان الكتل الجليدية الكبيرة، وكلها تغير توزيع الكتلة على سطح الأرض وتؤثر على سرعة دورانها، أما دوران الأرض حول الشمس فيخضع لمجموعة مختلفة من القوانين الفيزيائية ولا يتأثر بشكل مباشر بهذه التغيرات".