في الذكرى الخامسة لأحد أكثر الأحداث دموية في تاريخ لبنان الحديث، لا تزال جراح بيروت مفتوحة، والحقيقة أسيرة التجاذبات السياسية والقضائية. وبين محاولات الإفلات من العقاب، وصمود أهالي الضحايا في وجه الإنكار والعرقلة، يتحوّل الرابع من آب مجددًا إلى موعدٍ مع الألم... ومطالبة لا تهدأ بالعدالة.
نظّم أهالي ضحايا التفجير، اليوم الإثنين، مسيرة في العاصمة اللبنانية، مجدّدين مطالبهم بكشف الحقيقة وتحقيق العدالة. وأكد المشاركون أن من دمّر بيروت وقتل أبناءها لا يمكن أن يبقى بمنأى عن المحاسبة، رافعين الصوت للمطالبة بإصدار القرار الاتهامي وتسريع مسار العدالة الذي طال انتظاره.
احياء الذكرى وسط تطورات قضائية جديدة
تحل الذكرى السنوية للانفجار على وقع مستجدات قضائية بارزة أعادت بعض الأمل، ولو بحذر، في إمكانية إحياء التحقيقات.
استأنف القاضي طارق البيطار، المحقق العدلي في القضية، تحقيقاته مطلع فبراير/شباط الماضي، رغم الضغوط والاتهامات الموجهة ضده، وعلى رأسها ادعاء القاضي غسان عويدات عليه بــ"اغتصاب السلطة" ومنعه من السفر.
وأفادت تقارير صحفية بأن البيطار واجه انقلاباً قانونياً تمثل في قرارات مضادة من القاضي عويدات، شملت إخلاء سبيل جميع الموقوفين، ومنع الأجهزة الأمنية من تنفيذ أوامر البيطار.
أثارت هذه الخطوة انتقادات واسعة ووصفت بأنها انقلاب على مسار العدالة، خاصة بعد أن طالت تحقيقات البيطار شخصيات بارزة، من ضمنها عويدات نفسه.
كارثة المرفأ
وقع انفجار مرفأ بيروت في 4 أغسطس/آب 2020 عند الساعة 6:07 مساءً، لا يزال محفورًا في ذاكرة اللبنانيين، بعدما أودى بحياة 218 شخصاً، وأصاب نحو 7 آلاف آخرين، وتسبب في دمار مهول وصلت أضراره حتى مسافة 20 كيلومترًا.
وكشفت التحقيقات أن الانفجار ناجم عن تخزين مئات الأطنان من نترات الأمونيوم في ظروف غير آمنة منذ عام 2014.
حجم الخسائر بالمليارات
في سبتمبر/أيلول 2020، قدّر البنك الدولي الخسائر الناجمة عن الانفجار بين 6.6 و8.1 مليارات دولار، من ضمنها أكثر من 3 مليارات خسائر اقتصادية مباشرة، لكن رغم هذا الحجم الهائل من الخسائر البشرية والمادية، لا تزال المحاسبة متعثرة، فيما يُصرّ الأهالي على الاستمرار في تحركاتهم الشهرية حتى تحقيق العدالة.
يلغون قرارات التعطيل القضائي
في وقت سابق من مارس/آذار الماضي ألغى النائب العام التمييزي الحالي، القاضي جمال الحجار، قرارات سلفه غسان عويدات، ما أعاد الملف إلى مسار قضائي أكثر تماسكًا، وأحيا بعض الأمل في محاسبة المتورطين. ومع ذلك، لا تزال المخاوف قائمة من استغلال الثغرات القانونية لعرقلة التحقيقات أو التهرب من العدالة.
اقرأ\ي أيضًا |