تسلّمت طواقم الهيئة العامة للشؤون المدنية، صباح اليوم الخميس، جثمان الضحية عودة محمد الهذالين (31 عامًا)، في مدينة يطا جنوب الضفة الغربية، تمهيدًا لدفنه في مقبرة بلدة أم الخير شرق المدينة، وفق الترتيبات التي وضعتها عائلته.
وتأتي هذه الخطوة بعد نحو أسبوعين من ارتقاءه برصاص مستوطن مسلح، في حادثة أثارت غضبًا واسعًا في الأوساط الحقوقية والشعبية.
مراسم وداع تليق بالمرتقي
أكدت الهيئة في بيان رسمي أن عملية التسليم تمت بالتنسيق مع الجهات المختصة، وأن مراسم التشييع ستُجرى وفقًا للعادات والتقاليد المحلية، وسط حضور رسمي وشعبي واسع.
وقد بدأت الاستعدادات في بلدة أم الخير لاستقبال الجثمان، حيث من المتوقع أن يشارك المئات في جنازة المرتقي، الذي تحوّل إلى رمز للمقاومة الشعبية في منطقة مسافر يطا.
توثيق الجريمة ومطالبات بالمحاسبة
ارتقى الهذالين خلال هجوم نفذته مجموعة من المستوطنين على قرية أم الخير، حيث أطلق أحدهم النار عليه بشكل مباشر، ما أدى إلى إصابته بجروح خطيرة فارق على إثرها الحياة.
وقد وثّق نشطاء ومنظمات حقوقية الجريمة بمقاطع مصورة تُظهر المستوطن يانون ليفي وهو يوجه سلاحه نحو المواطنين ويطلق النار.
ولمتابعة كل ما يخص "عرب 48" يُمكنك متابعة قناتنا الإخبارية على تلجرام
ورغم وضوح الأدلة، قررت محكمة الصلح في القدس الإفراج عن ليفي وتحويله إلى الحبس المنزلي، في خطوة أثارت انتقادات واسعة واعتُبرت مثالًا صارخًا على ازدواجية المعايير في التعامل مع الجرائم المرتكبة بحق الفلسطينيين.
إضراب نساء أم الخير عن الطعام يثمر بتسليم جثمان الهذالين
ولحديث أوسع حول هذا الموضوع، كانت لنا ضمن برنامج "أول خبر" مداخلة مع إيمان الهذالين، ابنة عم عودة الهذالين، التي أكدت أن تسليم الجثمان، جاء نتيجة للضغط الذي مثله إضراب نساء القرية عن الطعام احتجاجا على احتجازه، كما وصفت المشهد المروع لارتقاء الهذالين بحضور ابنه.
وقالت إن نجاح خطوة الإضراب جاء بعد تفاعل التضامن المحلي والدولي، وأشارت إلى أن هناك ثلاثة أسرى من أقارب الضحية ما زالوا محتجزين لدى السلطات الإسرائيلية، مما يزيد من معاناة العائلة.
وتحدثت إيمان عن الوضع الصعب في خربة أم الخير، حيث المنطقة مصنفة كمنطقة عسكرية بالكامل والجيش يسيطر عليها بشكل كبير، مع وجود تظاهر كبير للتضامن من الأهالي والناشطين الأجانب الذين رفضوا مغادرة الخربة رغم محاولة إخراجهم.
الإفراج عن القاتل يزيد التوتر في خربة أم الخير
وأوضحت إيمان أن المستوطن الذي أطلق النار على عودة كان محتجزًا لساعات قليلة فقط ثم أُفرج عنه بحالة الحبس المنزلي، ما اعتبرته استفزازًا واضحًا للمجتمع المحلي، خاصةً أن "هذا القاتل تجول في الخربة مستفزًا السكان، ما يزيد من التوتر".
وأكدت أن الوضع الأمني في المنطقة شديد التوتر مع انتشار كثيف للجيش والشرطة، وإغلاق معظم مداخل الخربة طوال فترة الجنازة، مع قيود على حركة الأهالي والأطفال، الأمر الذي يزيد من معاناة السكان.
إيمان الهذالين: صمودنا مستمر ومستعدون للتضحية بأرواحنا
الهذالين أكدت أن الصمود مستمر، وأنهم مستعدون للتضحية بأرواحهم في سبيل الحفاظ على خربة أم الخير، التي فقدت ضحيتين مؤخراً.
ليفي: سجل حافل بالتحريض والعنف
يُعد يانون ليفي من أبرز قادة المستوطنين في جنوب الخليل، وقد أُدرج العام الماضي على قوائم العقوبات في الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا، بسبب قيادته لهجمات منظمة ضد الفلسطينيين، كما وصفته وزارة الخارجية الأميركية بأنه يقود "مجموعات ترويع منظمة" تمارس العنف والتهجير.
ورغم هذا السجل، لم تُتخذ بحقه إجراءات قضائية صارمة، ما دفع منظمات حقوقية إلى المطالبة بتحقيق دولي مستقل في الجريمة، ومحاسبة الجناة وفقًا للقانون الدولي.
العدالة لا تُجزّأ
تسلّم جثمان المرتقي الهذالين يعيد إلى الواجهة قضية الإفلات من العقاب، ويطرح تساؤلات جدية حول جدية المنظومة القضائية في التعامل مع الجرائم الموثقة ضد الفلسطينيين.
وبينما يُشيّع المرتقي إلى مثواه الأخير، تبقى المطالبة بالعدالة حيّة في وجدان من عرفوه ووقفوا إلى جانبه.
طالع أيضًا:
وقفة احتجاجية أمام المحكمة العليا عقب مقتل الهذالين واحتجاز جثمانه