يرى الدكتور حسين الديك، المحاضر في العلوم السياسية والمتخصص في الشؤون الأمريكية، أن الخطاب الذي ألقاه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يمكن وصفه بـ "الشعبوي" ويفتقر إلى الرؤية الاستراتيجية المتميزة.
وأضاف في مداخلة هاتفية ضمن برنامج "يوم جديد" على إذاعة الشمس: "خطاب ترامب تم تقديمه في سياق التصعيد الدبلوماسي، حمل الكثير من المبالغات والتعظيم للأحداث الداخلية الأمريكية، معتبراً أنه يركز على تقديم إنجازات غير واقعية بينما يبخس حقيقة القضايا المعقدة".
الشخصية الأنانية والرؤية الذاتية
وأشار إلى أن الخطاب تميز بنوع من الغرور والتباهي الشخصي الذي يحاول فيه ترامب إظهار نفسه كمنقذ للأمة الأمريكية دون تقديم حلول جادة للمشاكل الحقيقية التي تعيشها الولايات المتحدة.
وتابع: "هذا الرئيس، المحاط بالكثير من المستشارين، لا يستمع إليهم بشكل كافٍ، و ترامب، منذ فترة حملته الانتخابية في 2016، اعتمد بشكل متزايد على الخطاب الشعبوي الذي يعظم من شأن ذاته ويعبر عن شخصية متفردة، متجاهلاً الحكمة التي قد يقدمها مستشاروه".
التناقضات في المواقف
أما فيما يخص خطاب ترامب عن الوضع في غزة والقضية الفلسطينية، فقد لاحظ الدكتور الديك أن الرئيس الأمريكي قد استخدم مصطلحات أقل حدة، حيث تجنب الحديث عن "الجحيم" أو "إشعال النار" كما كان في السابق.
وقال الديك إن هذا قد يكون تحولاً في اللهجة الأمريكية تجاه القضية الفلسطينية، حيث أشار ترامب إلى "رؤية جديدة" بشأن قطاع غزة، لكنه لم يدخل في تفاصيل تلك الرؤية ولم يحدد موقفه بشكل حاسم.
وعن موقف الولايات المتحدة من حل الدولتين، أضاف الدكتور الديك أن الخطاب لم يتطرق بشكل عميق إلى تأكيد حق الفلسطينيين في إقامة دولتهم، في وقت أصبح العالم أكثر تأييدًا لهذا الموقف، بما في ذلك 158 دولة اعترفت بحق الفلسطينيين في دولة مستقلة.
ورأى أن ترامب قد تراجع عن موقفه السابق فيما يتعلق بالدولة الفلسطينية، مما يعكس تغيرًا تدريجيًا في السياسة الأمريكية تجاه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
التحولات السياسية في المجتمع الأمريكي
كما ناقش الدكتور حسين الديك التحولات البنيوية التي يشهدها المجتمع الأمريكي في الوقت الراهن، مشيرًا إلى أن هناك تغييرات جذرية على صعيد النخب السياسية والشعبية.
وأوضح أن الشباب الأمريكي، وبخاصة في الحزب الديمقراطي، يمتلكون رؤى مختلفة عما كان يتم تبنيه في الماضي، لافتاً إلى أن هناك نوعاً من التناقض بين الجناحين السياسيين في الحزبين الجمهوري والديمقراطي. ومن جهة أخرى، أشار إلى أن اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة يدعم بقوة المواقف المؤيدة لإسرائيل، خاصة من قبل التيار المسيحي الإنجليزي الذي يساند سياسات ترامب.
ما بعد حق الفيتو الأمريكي
وفيما يتعلق باستخدام حق الفيتو الأمريكي ضد القرارات الدولية التي تتعلق بإسرائيل، تحدث الدكتور الديك عن احتمالية تغيير الموقف الأمريكي في المستقبل.
وقال: "قد نرى تحولًا في الموقف الأمريكي بعد عدة سنوات، خاصة بعد التغيرات التي نشهدها في الولايات المتحدة، كما حدث في بريطانيا بعد عقود من دعمها لإسرائيل". وأضاف أن هناك تحولًا في المجتمع الأمريكي قد يتيح فتح المجال للمزيد من الاعترافات الدولية بحق الفلسطينيين.
وفي ختام حديثه، شدد الدكتور حسين الديك على ضرورة أن يتوحد الفلسطينيون سياسياً ويعيدوا بناء شرعياتهم من خلال الانتخابات العامة.
وأكد أن الوحدة الوطنية الفلسطينية ستعزز من موقفهم أمام المجتمع الدولي وتدعم جهودهم في دفع القضية الفلسطينية إلى الأمام في ظل التغيرات السياسية العالمية.