كشفت المهندسة المعمارية والمخططة في جمعية "بمكوم – تخطيط وحقوق الإنسان"، روان شلالدة، أن عملية تسوية وتسجيل الأراضي التي أعادت إسرائيل تفعيلها في القدس الشرقية منذ عام 2018 تحولت إلى وسيلة مركزية للسيطرة على الأراضي الفلسطينية، وتسهيل مشاريع استيطانية واسعة النطاق على حساب السكان الأصليين.
وأوضحت شلالدة، في حديث لبرنامج يوم جديد على إذاعة الشمس، أن تسوية الأراضي هي إجراء قانوني يفترض أن يضمن تثبيت حقوق الملكية عبر تسجيلها في "الطابو"، كما جرى في عهود سابقة، خصوصًا خلال فترة الإدارة الأردنية. غير أنّ إسرائيل، بعد احتلالها للقدس الشرقية عام 1967، جمّدت العملية لعقود، لتعود وتفعّلها مؤخرًا بحجة "مساعدة الفلسطينيين" على تثبيت حقوقهم والحد من الفجوات الاقتصادية والاجتماعية.
وأضافت أن هذا التبرير الرسمي يخفي حقيقة مغايرة، إذ ربطت السلطات الإسرائيلية إجراءات التسوية بملف "أملاك الغائبين"، ما يعني أن أي مالك غادر القدس أو لجأ إلى دول مجاورة يُعتبر "غائبًا"، وتؤول ملكيته تلقائيًا للدولة أو لجهات إسرائيلية أخرى، مثل الصندوق القومي اليهودي وبلدية القدس.
وبحسب تقرير "بمكوم"، فإن نحو 8000 دونم من أراضي القدس الشرقية خضعت أو تخضع حاليًا لعمليات التسوية. من بينها 2000 دونم انتهى تسجيلها رسميًا، لكن النتيجة جاءت صادمة: فقط 1% من هذه الأراضي سُجّل باسم أصحاب فلسطينيين، بينما سُجّل الباقي لصالح مؤسسات الدولة أو جهات استيطانية.
وأشارت شلالدة إلى حالة حي "أمطوبة" مثالًا على غياب الشفافية. فبينما يفترض أن تُعلن السلطات عن بدء التسوية ليتمكن السكان من إثبات حقوقهم، جرى تنفيذ العملية من دون علم الأهالي. وعندما اكتشفوا الأمر، وجدوا أنفسهم أمام خطر الهدم والترحيل لصالح مخططات استيطانية جديدة، رغم أن بعضهم يملك رخص بناء رسمية.
وأكدت أن خطورة هذه السياسة لا تقتصر على الأراضي التي أُنجزت تسويتها، بل تمتد إلى نحو 6000 دونم أخرى لا تزال قيد الإجراءات. ووفق المؤشرات، فإن النتائج المتوقعة لن تختلف كثيرًا عن المرحلة السابقة، ما يعني أن آلاف العائلات الفلسطينية قد تواجه مصيرًا مشابهًا.
وختمت شلالدة بالقول إن "تسوية الأراضي في القدس الشرقية لم تتحول فقط إلى أداة قانونية، بل إلى وسيلة سياسية ممنهجة لتهجير الفلسطينيين وتوسيع المشروع الاستيطاني"، مشيرة إلى أن جمعية "بمكوم" أطلقت خريطة تفاعلية عبر موقعها لمساعدة السكان على متابعة هذه الإجراءات في أحيائهم، في ظل غياب الشفافية الرسمية.