قال البروفيسور يوسف جبارين إن ما تتعرض له البلدات العربية داخل إسرائيل من سياسات عمرانية وتخطيطية يرقى إلى "حالة حصار ممنهج" هدفه خنق التجمعات السكانية العربية وتحويلها إلى جيتوهات مغلقة، مشيراً إلى أن عين ماهل المحاصَرة من نوف هجليل تمثل نموذجاً صارخاً لهذه السياسات.
جذور تاريخية لسياسات السيطرة
وأوضح جبارين أن هذه السياسات ليست طارئة، بل بدأت منذ قيام الدولة عام 1948، حين اعتبر دافيد بن غوريون أن وجود بلدات عربية كبيرة "تهديد ديمغرافي"، ومن هنا انطلقت مشاريع مثل نتسرت عيليت (نوف هجليل) لتطويق الناصرة والسيطرة على أراضيها.
وأضاف أن الدولة صادرت خلال خمسينيات وستينيات القرن الماضي الغالبية الساحقة من الأراضي العربية، وهي اليوم تتحكم بـ93.2% من الأراضي.
بلدات محاصرة بلا أفق
وأشار جبارين إلى أن البلدات العربية، ومن بينها عين ماهل وأم الفحم وغيرها، تُخنق عمرانياً بسبب تداخلها مع بلدات يهودية مخططة بعناية بهدف السيطرة على الجغرافيا.
وقال: "المخططات الهيكلية المفروضة على البلدات العربية خلال العقد الأخير كارثية، فهي تحوّل القرى والمدن العربية إلى غيتوهات مكتظة وفقيرة، مع انسداد أي أفق للتوسع العمراني".
"موت المواطنة" وهجرة متزايدة
واعتبر البروفيسور جبارين أن هذه السياسات تُفاقم العنف والجريمة، موضحاً: "الدولة تخلّت عن مسؤولياتها الأمنية في بلداتنا، وتركتنا في مواجهة انفجار اجتماعي متسارع".
وأضاف أن النتيجة المباشرة هي هجرة متزايدة للعائلات العربية، سواء نحو البلدات اليهودية أو إلى خارج البلاد، قائلاً: "ما نشهده اليوم هو موت المواطنة في إسرائيل، وهذه ليست أزمة للعرب فقط، بل تهديد لبنية الدولة ككل".
مستقبل غامض وخطير
وختم جبارين بالتحذير من أن استمرار سياسات الحصار العمراني ستجعل البلدات العربية تتحول إلى بؤر للفقر والعنف، على غرار "السلامز" في أميركا اللاتينية، مؤكداً أن ما يجري "ليس خطراً على المجتمع العربي وحده، بل على مستقبل إسرائيل بأسره".