حذّر المحامي رضا جابر، الباحث المختص في القانون والسياسات العامة، من غياب أي أفق حقيقي لمواجهة تفشي الجريمة، مؤكدًا أن السنوات المقبلة ستكون أكثر دموية إذا لم يحدث تحرّك جدي وفعلي على الأرض.
وأضاف في مداخلة هاتفية لبرنامج "أول خبر"، على إذاعة الشمس، أن المؤشرات في كل عام تُظهر أن معدلات العنف والجريمة تكسر أرقام العام الذي سبقه، في ظل غياب فعل حقيقي وردع مؤسسي، مشيرًا إلى أنه يكرر هذا التحذير منذ سنوات دون أن يلمس تغييرًا ملموسًا.
وأوضح "جابر" أن الحديث عن التحرك الداخلي ليس جديدًا، لكنه بات ضرورة ملحّة، رغم إدراكه أن الجريمة المنظمة ترتبط بشبكات دولية وتتجاوز قدرة المجتمع المحلي وحده.
وأضاف أن ذلك لا يُلغي أهمية التنظيم الداخلي، مؤكدًا أن كلما كان المجتمع أكثر تنظيمًا، زادت قدرته على فرض خطوات أعمق وأكثر فاعلية مما هو قائم اليوم.
تغيرات اجتماعية عميقة
وأشار إلى أن المجتمع العربي يمر بتغيّرات اجتماعية عميقة لم يتم التعامل معها بجدية، محذرًا من أن الاستمرار في تجاهل هذه التحولات سيُبقي المجتمع في موقع رد الفعل الدائم، بينما تتحرك الأمور من حوله دون أي قدرة حقيقية على التأثير.
ولفت إلى أن بعض رؤساء السلطات المحلية بدأوا يتحدثون عن تشكيل مجموعات حراسة محلية، بل وتمويلها عبر جباية ضرائب إضافية أو ما يشبه "إتاوات أمن وأمان"، معتبرًا أن تحمّل المجتمع لمسؤوليته عن نفسه قد يكون أمرًا مشروعًا في حالات الأزمات، شريطة أن يتم ذلك بشكل مدروس ومنظم، حتى لا يؤدي إلى نتائج عكسية داخل المجتمع.
وشدد على أن التنظيم الداخلي هو الأساس، وأن المجتمع تأخر كثيرًا في هذا المسار، سواء في تنظيم الحيز العام، أو في إصلاح عمل المجالس المحلية، أو في تغيير السياسات التي تسمح بتسلل عالم الجريمة عبر المناقصات والقرارات الإدارية.
وأضاف أن هذه القضايا يجب التعامل معها بمسؤولية وبمقاربة جديدة، لأنها تُشكّل بوابة رئيسية لتغلغل الجريمة داخل المجتمع.
تقليص الميزانيات
وتطرق إلى مسألة تقليص الميزانيات الخدماتية، خاصة تلك المخصصة لجيل الشباب، مقابل توجيه الأموال إلى أجهزة الأمن، محذرًا من أن هذا التقليص يُسهم بشكل مباشر في زيادة العنف والجريمة.
وأكد أن الميزانيات حق أساسي، وأن توجيهها بالشكل الصحيح يُقلل من فرص انخراط الشباب في عالم الجريمة، لكنه اعتبر أن السياق العام يُظهر أن الحكومة الحالية تدير معركة مفتوحة ضد المجتمع العربي.