قال الخبير الاقتصادي العالمي عمر شعبان إن الحالة الفلسطينية تشهد "استمرارًا في التدهور منذ سنوات"، وقد تعمّق هذا التدهور بشكل أكبر بعد هجوم السابع من أكتوبر، مشيرًا إلى أن "العالم بات يقرر عن الفلسطينيين في ظل غياب رؤية وموقف فلسطيني موحد".
وأضاف في مداخلة هاتفية ضمن برنامج أول خبر على إذاعة الشمس، أن "غزة تُدار الآن من خلال إدارة أمريكية جديدة يرأسها الجنرال براد كوبر، وهو مدير لجنة التنسيق الأمني المدني المتواجدة في كريات جات، حيث تضم هذه اللجنة أكثر من عشرين مؤسسة دولية وست عشرة دولة"، موضحًا أن "هذا يعني أن إدارة قطاع غزة أصبحت دولية بحكم الأمر الواقع، وقد تستمر هذه الحالة لسنوات طويلة".
وتابع أن "الفراغ السياسي الناتج عن غياب الاتحاد الأوروبي والجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، أتاح المجال أمام الإدارة الأمريكية والإسرائيلية لفرض رؤيتهما المشتركة بالكامل على الوضع في غزة"، معتبرًا أن "وجود موقف فلسطيني موحد كان يمكن أن يغير المعادلة على الأقل جزئيًا".
وأكد شعبان أنه "لو كان هناك حد أدنى من الوحدة والموقف المشترك، لتمكن الفلسطينيون من التنسيق مع تكتلات دولية والضغط في مواجهة هذه الرؤية المفروضة"، مشيرًا إلى أن "الانقسام بين القيادات الفلسطينية، سواء في غزة أو الضفة، يجعل الفلسطينيين في أضعف حالاتهم أمام خطة إدارة غزة الحالية".
وحول التقارير التي تتحدث عن مشاريع إعادة إعمار مشبوهة، قال شعبان: "هناك خطة أمريكية تتضمن إنشاء أحياء جديدة للفلسطينيين قرب رفح، في مناطق تسيطر عليها إسرائيل، وسيتاح السكن فيها لمن يتم اختيارهم وفق معايير أمنية، دون السماح بعودة سكانهم الأصليين"، موضحًا أن "هذا المخطط يعني تقسيم غزة بشكل فعلي وإعادة توزيع السكان بطريقة قسرية".
وأضاف أن "ما يقارب 58% من مساحة القطاع أصبحت خاضعة للاحتلال الإسرائيلي المباشر، فيما يُحشر نحو مليوني فلسطيني في أقل من نصف المساحة الأصلية"، واصفًا المشهد الإنساني بأنه "كارثي بكل المقاييس"، قائلاً: "تخيل عشرات الآلاف يعيشون في خيام على شاطئ غزة دون مأوى أو حماية، ومع اقتراب الشتاء ستتضاعف المعاناة بشكل مأساوي".
ورأى شعبان أن "قدرة الإنسان على التحمل محدودة، وأن الفلسطينيين يعيشون مأساة تفوق طاقة البشر"، لكنه شدد على أن "الأمل في المستقبل يتطلب الصبر والعمل على إعادة بناء الإنسان الفلسطيني قبل أي شيء آخر".
وأضاف: "يجب أن نتعلم من تجارب التاريخ، مثل ألمانيا واليابان بعد الحرب العالمية الثانية، اللتين نهضتا من دمار شامل بفضل التركيز على إعادة بناء الإنسان والمجتمع"، موضحًا أن "على الفلسطينيين الآن أن يركزوا جهودهم على التعليم، وإجراء الانتخابات خلال عامين، ومنح الشباب الفرصة لتقرير مستقبلهم".
وختم قائلاً: "نحن بحاجة إلى أن نصمت قليلاً ونمنح الزمن وقته، فالسياسيون يتغيرون، ونتنياهو لن يبقى إلى الأبد، كما أن موازين القوى الدولية لا تبقى ثابتة، لكن المهم أن نحافظ على قدرتنا على الصمود وإعادة البناء من الداخل".