أكد المحامي طلب الصانع، رئيس لجنة التوجيه العليا لعرب النقب، أن جريمة القتل الأخيرة في تل السبع تكشف حالة خطيرة من الانهيار القيمي داخل المجتمع العربي، معتبرًا أن ما يجري لم يعد مجرد نزاعات عائلية بل "كارثة بكل معنى الكلمة".
وأضاف في مداخلة هاتفية ضمن برنامج "يوم جديد"، على إذاعة الشمس: "المشكلة أصبحت أعمق من حوادث فردية، إذ باتت تأخذ شكل الثأر القبلي الذي يعود اليوم من أوسع الأبواب رغم الظن بأنه جزء من الماضي".
وقال الصانع إن جزءًا كبيرًا من الأزمة يرتبط بطريقة إدارة الخلافات داخل المجتمع، سواء في الواقع أو على الشبكات الاجتماعية، مؤكدًا أن الخطاب المتشنج وانعدام القدرة على احتواء الخلافات البسيطة يفتح الباب أمام تصعيد خطير.
و نوّه إلى أن جذور الكثير من النزاعات التي تتحول إلى قتل تبدأ عادة بأسباب بسيطة كانت قابلة للحل قبل الوصول إلى الدم.
وأشار إلى أن عدد الضحايا بين العائلتين المتنازعتين وصل إلى أكثر من ستة أشخاص، ما يعكس خطورة المشهد وعمق الأزمة.
ولفت إلى أن بعض أفراد الجيل الشاب لا يلتزمون بقرارات كبار العائلة أو لجان الصلح، وهو ما يضعف قدرة المجتمع على احتواء التوتر ويعزز غياب الردع الاجتماعي.
إدخال جهاز الشاباك؟
وحول الدعوات لإدخال جهاز الشاباك إلى البلدات العربية في ظل تفاقم الجريمة، حذر الصانع من أن مثل هذا الإجراء يشكل خطرًا بالغًا.
وأوضح أن إدخال الشاباك قد يتحول من مكافحة الجريمة إلى "ملاحقة سياسية" لأي نشاط أو كلمة أو مقالة، معتبرًا أنه مدخل خطير يمكن فتحه بسهولة ولكن يصعب إغلاقه، خاصة مع وجود حكومة قد تستغل هذا المسار ضد المجتمع العربي نفسه.
وشدد على أن الحل يكمن في تفعيل وحدات شرطة مهنية، وزيادة الموارد، وتطوير بنى تنظيمية قادرة على التعامل مع الجريمة، إلى جانب مسؤولية مجتمعية واسعة تبدأ من الخطاب وتنظيم الخلاف وإعادة الاعتبار لقيم التسامح.
كما أكد ضرورة تعزيز مبادرات الصلح العشائري رغم تراجع فعاليتها في السنوات الأخيرة، مشيرًا إلى أن نجاح بعض النماذج الإيجابية يؤكد إمكانية الحد من دائرة الدم إذا توافرت قيادة مجتمعية قادرة على فرض الانضباط.
وختم بأن الوضع أصبح أكثر تعقيدًا بعد جريمة تل السبع، لكن اليأس ليس خيارًا، داعيًا إلى استمرار العمل الاجتماعي والقانوني "لينتصر الخير على الشر في نهاية المطاف".