قررت وزارة الصحة الإسرائيلية إلغاء برنامج “الوساطة” الصحي الذي كان يعمل في مراكز وعيادات الأم والطفل في البلدات العربية في منطقة النقب، بما في ذلك القرى غير المعترف بها، وهو برنامج لعب دورًا محوريًا في تحسين وصول النساء والأطفال إلى الخدمات الصحية وتقليص الفجوات الصحية، لا سيما في ما يتعلق بوفيات الرضع.
برنامج ناجح ضمن خطة حكومية
كان برنامج الوساطة الصحي جزءًا من الخطة الخمسية للتنمية الاجتماعية والاقتصادية للسكان العرب في النقب للفترة 2022–2026، التي أُقرت بقرار حكومي رقم 1279.
ووفق وثائق داخلية صادرة عن وزارة الصحة، فقد أظهر البرنامج نتائج إيجابية واضحة، ما دفع مختصين إلى التوصية بالحفاظ عليه ودمجه ضمن الميزانية العامة ابتداءً من عام 2025 لضمان استمراريته.
قرار الإلغاء وتداعياته
وعلى الرغم من ذلك، أبلغت وزارة الصحة الجهة المشغلة للبرنامج في أيلول/سبتمبر بإنهاء التعاون معها اعتبارًا من 30 تشرين الثاني/نوفمبر 2025، مبررة القرار بقيود تتعلق بالميزانية.
وهذا القرار أدى إلى تسريح العشرات من العاملين والعاملات الذين كانوا يقدمون خدمات الوساطة الصحية، وترك العديد من المجتمعات البدوية دون خدمات أساسية كانت تشكل جسرًا حيويًا بينها وبين الجهاز الصحي.
خلفية تاريخية ودور محوري
أُنشئ برنامج الوساطة الصحي في أواخر تسعينيات القرن الماضي، بالتعاون بين جامعة بن غوريون ووزارة الصحة، استجابة للارتفاع الكبير في معدلات وفيات الرضع في المجتمع البدوي مقارنة بالسكان اليهود.
واعتمد البرنامج على تشغيل وسطاء ووسيطات ناطقين بالعربية والعبرية في 26 مركزًا من مراكز الأم والطفل، بهدف تسهيل التواصل، وتجاوز الحواجز اللغوية والثقافية، وضمان فهم الإرشادات الطبية والالتزام بها.
أنشطة توعوية وتأثير ملموس
إلى جانب الوساطة المباشرة، نظم العاملون في البرنامج دورات تدريبية وأنشطة توعوية تناولت قضايا حيوية مثل الوقاية من الحوادث المنزلية، والتعرف المبكر على علامات الخطر الصحية، والعمل على خفض معدلات وفيات الرضع.
ولمتابعة كل ما يخص "عرب 48" يُمكنك متابعة قناتنا الإخبارية على تلجرام
وتشير المعطيات إلى أن معدل وفيات الرضع بين العرب في النقب انخفض بشكل طفيف خلال العقد الماضي، إلا أنه ما زال أعلى بأربع مرات من المعدل لدى السكان اليهود، حيث يبلغ 9.2 حالة لكل ألف ولادة.
ويثير إلغاء البرنامج مخاوف جدية لدى مختصين ومنظمات مجتمع مدني من اتساع الفجوات الصحية مجددًا، وحرمان فئات واسعة من خدمات أساسية أثبتت نجاعتها.
وفي هذا السياق، قالت إحدى المختصات في الصحة العامة:“إن برنامج الوساطة لم يكن مجرد خدمة إضافية، بل عنصرًا أساسيًا في إنقاذ الأرواح وتعزيز الثقة بين المجتمع البدوي والمؤسسات الصحية. إلغاؤه سيترك فراغًا يصعب تعويضه في المدى القريب.”
ويبقى مستقبل الخدمات الصحية في النقب مرهونًا بقرارات توازن بين الاعتبارات المالية وحق السكان في الحصول على رعاية صحية ملائمة وعادلة.
طالع أيضًا: