أفادت تقارير إعلامية إسرائيلية أن وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، يفرض سيطرته المباشرة على المعطيات الرسمية التي تمتلكها الشرطة، والمسؤولة عن نشرها للجمهور بموجب قانون حرية المعلومات، في خطوة وُصفت بأنها تمس باستقلالية المؤسسة الأمنية وتتناقض مع الإجراءات القانونية المعمول بها، وهذه الممارسات أثارت جدلاً واسعًا في الأوساط القضائية والسياسية، لما تحمله من دلالات على حجم النفوذ الذي بات يمارسه الوزير على جهاز الشرطة.
تدخل مباشر في آليات النشر
ذكرت هيئة البث العام الإسرائيلية "كان 11"، مساء الإثنين، أن مكتب بن غفير أصدر تعليمات للوحدة المسؤولة عن تطبيق قانون حرية المعلومات في الشرطة، تقضي بتحويل الطلبات "الحساسة" أو "ذات الأهمية" إلى الوزير نفسه قبل نشر الردود عليها، وهو ما يخالف الإجراءات المنصوص عليها في القانون.
وهذه الطلبات شملت ملفات ذات طابع سياسي مباشر، مثل بيانات حول توقيف يهود في باحات المسجد الأقصى، وسياسات الشرطة في الضفة الغربية، إضافة إلى معطيات مرتبطة بالجريمة في المجتمع العربي.
انعكاسات سياسية وشخصية
يرى مراقبون أن بن غفير يعتبر نشر هذه البيانات أو حجبها جزءًا من معركته السياسية، إذ قد تؤثر بشكل مباشر على صورته أمام أنصاره وجمهور ناخبيه، والتدخل في هذه الملفات الحساسة يبرز حجم الصلاحيات التي يسعى الوزير إلى تكريسها لنفسه، في وقت يشدد فيه القانون على استقلالية الشرطة في التعامل مع المعلومات العامة.
مخالفة صريحة لقانون حرية المعلومات
عدد من المختصين في الشأن القضائي أوضحوا أن هذه السياسة تتناقض بشكل صريح مع قانون حرية المعلومات، الذي يعرّف الشرطة كجسم مستقل لا يملك الوزير صلاحية التدخل في آليات معالجته لطلبات المعلومات، ووفق الإجراء السليم، يتولى ضابط برتبة مقدم مسؤولية معالجة الطلبات عبر الجهات المختصة داخل الشرطة، ومن ثم نشر الرد دون إشراك المستوى السياسي.
حالة نموذجية تكشف التدخل
أحد الأمثلة البارزة على هذا التدخل ظهر في طلب قُدّم في أيلول/ سبتمبر 2024 للحصول على معطيات حول توقيف مستوطنين في المسجد الأقصى، ورغم أن الرد الفعلي أُنجز سريعًا، إلا أن الملف بقي مجمّدًا داخل الشرطة لنحو أربعة أشهر، قبل أن يُنشر بشكل جزئي في كانون الثاني/ يناير 2025، مقتصرًا على أوامر إبعاد دون ذكر أعداد الاعتقالات الفعلية.
وفي المقابل، برر مكتب بن غفير هذه السياسة بالقول إن من "صلاحية بل وواجب مكتب الوزير متابعة المعلومات الصادرة في هذا الإطار، بهدف تحسين الرقابة على مؤشرات السياسات العامة وتحديد القضايا ذات الأهمية للجمهور".
ولمتابعة كل ما يخص "عرب 48" يُمكنك متابعة قناتنا الإخبارية على تلجرام
وأضاف البيان: "لا يُعقل أن يكون المواطنون على دراية أوسع بنشاط الوزارة من مكتب الوزير نفسه، والجمهور هو من سيحكم في صناديق الاقتراع على أداء الوزراء السابقين الذين أهملوا المتابعة المهنية."
ويبقى الجدل قائمًا حول حدود الصلاحيات السياسية في التعامل مع المعلومات الرسمية، وسط مخاوف من أن يؤدي هذا التدخل إلى تقويض استقلالية الشرطة وتقييد حق الجمهور في الاطلاع على البيانات.
وفي تقرير "كان 11"، جاء: "إن تدخل الوزير في آليات نشر المعلومات يثير تساؤلات واسعة حول مستقبل الشفافية في إسرائيل، ويضع المؤسسة الأمنية أمام اختبار صعب في الحفاظ على استقلاليتها."
وبهذا، يتضح أن القضية لا تتعلق فقط بإجراءات إدارية، بل تحمل أبعادًا سياسية وقانونية عميقة قد تحدد شكل العلاقة بين السلطة التنفيذية والمؤسسات الأمنية في المرحلة المقبلة.
طالع أيضًا: