من يتجول في البلدات الجبلية، هذه الايام يلاحظ حركة غير عادية بجانب البيوت, فالعائلات تتجمع حول مواقد النار, ومن له حب الإستطلاع يقترب اكثر لمعرفة التفاصيل ويشتم رائحة طيبة تفح في الأرجاء ويُشاهد وعاءً كبيراً يغلي ويغلي و... حتى ينتج دبس الخروب او الرُب باللهجة العامية.
نعم انه موسم صناعة دبس الخروب(الرُب) والذي يُعتبر من الأطعمة الرئيسة على موائدنا الفلسطينية القروية الى هذا اليوم ،ونحصل عليه من ثمرة شجرة الخروب التي تُعطي ثمارها في فصل الصيف ومطلع الخريف.
وتنتشر شجرة الخروب في بلادنا في المناطق الجبلية بكثرة, وحين يحين موعد قطاف ثمارها التي تكون بنية اللون وموزية الشكل, يذهب كل من يرغب بجمع الثمار لصناعة الدبس اللذيذ والمفيد.
مُراسلنا التقى جبرائيل موراني(ابو ميلاد) وزوجته مريم وهما يصنعان الرب, وحدثنا ابو ميلاد عن طريقة صناعة الرب والتي تستغرق ساعات طويلة ومتواصلة.
استمتعوا بمشاهدة الفيديو والصور
هنالك عدة فوائد للخروب من اهمها:
فوائد طبية:
يحتوي لب ثمار وبذور الخروب على العديد من المواد الفاعلة منها صمغ الخروب الذي يحتوي على المانان بنسبة 85% والغالتكان بنسبة 29% والبنتوزان بنسبة 0,5% كما يحتوي على خميرة الأكسيداز وأنزيم السيراتونياز، ويفيد صمغ الخروب في وقف الإسهال خصوصاً عند الأطفال، ولهذا تضيف الأمهات ملعقة من مسحوق الخروب إلى حليب الأطفال وفي الوقت نفسه يمنع الإمساك وذلك لقدرته على حفظ الماء في الأمعاء ولهذا يكون الخروب منظماً لحركة الأمعاء والسوائل الموجودة فيها، ولصمغ الخروب فوائدة طبية أخرى منها: معادلة الحمضية أو القلوية في الأمعاء وامتصاص بعض السموم والأعفان الموجودة فيها، كما يثبط نمو بعض الجراثيم ويستعمل شراب الخروب في الطب الشعبي لتخفيف حدة السعال حيث يعمل الصمغ الموجود فيه على ترطيب وتوسيع الشعاب التنفسية، ويفيد ذلك الثآليل عدة مرات بثمار الخروب الفجة في إزالتها من جذورها، وتنصح المرضعات بتناول الخروب أو الشراب المصنوع منه لإدرار الحليب وتعزيز قوته الغذائية، كما ينصح المرضى المحتاجين للتخلص من الماء الزائد في أجسامهم بتناول الخروب والأطعمة المصنوعة منه وذلك لزيادة إدرار البول.
ويستعمل لحاء شجرة الخروب في وقف النزيف وذلك لاحتوائه على التانين القابض للأوعية الدموية، وقد اشتهر عرق السوس في معالجة قرحة المعدة لكن الكثيرين من مرضى القرحة ممن واظبوا على تناول شراب الخروب أفادوا بتحسن حالتهم وشفائهم من القرحة، ويعود السبب في ذلك إلى أن الخروب قلوي التأثير فيعادل حموضة المعدة، كما أن الصمغ الموجود فيه يقلل من نشاط الجراثيم ويشكل طبقة عازلة فوق القرحة مما يحول دون وصول أحماض وأنزيمات المعدة إليها ويعطيها فرصة للالتئام.
فوائد غذائية
يحتوي لب قرون الخروب على مواد غذائية عدّة من أهمها السكر بنسبة 55% وبروتين عالي الجودة بنسبة 15% ودهون بنسبة 6% أمّا مسحوق البذور فيحتوي على 60% بروتين وكميات وافرة من الزيوت الخالية من الكوليسترول كما يوجد في ثمار الخروب فيتامينات (أ، ب1، ب2، ب3، د) وعناصر معدنية مهمة مثل: البوتاسيوم .. والكالسيوم .. والحديد .. والفسفور .. والمنغنيز .. والباريوم .. والنحاس .. والنيكل .. والمغنيزيوم .. وغيرها .. وتخلو الثمار من حمض الأوكساليك (Ox) الذي يحول دون امتصاص الكالسيوم والعناصر المعدنية الأخرى وهذا من شأنه تسهيل عملية امتصاص الأمعاء لهذه المعادن والإفادة منها بشكل كبير .. ويتميز بكتين الثمار بعدم تسببه بظهور أعراض الحساسية..
الاستعمالات الأخرى
يتميز خشب الخروب بالقوة والمتانة وسهولة الطلاء .. ولهذا فهو مناسب لصنع أثاث المطابخ والأدوات والأواني الخشبية .. ويعد الفحم المصنوع من أخشابها من أجود أنواع الفحم .. وتستعمل البذور المحمصة بديلاً للقهوة أو للشوكولاته التي تدخل في صناعة الحلويات .. أما مسحوق الخروب وبذوره فيستعمل في الكثير من الصناعات الغذائية كمادة منكهة ومكثفة للعصائر والكريمات بدلاً من البيض والنشاء .. وتتميز جميع منتجات الخروب بخلوها من مواد تسبب الإدمان وذلك لعدم احتوائها على الكافئين الموجود في القهوة أو الثيوبرومين الموجود في الكوكا وغيرها من المواد التي لا تخلو من الأضرار .. كما يستعمل مسحوق الخروب في صناعة مستحضرات التجميل والمبيدات الحشرية .. ومما يذكر أن بذور شجرة الخروب تتشابه إلى حد كبير فيما بينها من حيث الشكل والوزن وقد استعملت في الماضي كوحدة وزن (القراط) من قِبل تجار المجوهرات..
بقي القول إن شجرة الخروب هي بنت البيئة المعطاءة التي تهب الإنسان والأرض والطير والحيوان الكثير من الفوائد والاستعمالات ولا يجوز إنكار أفضالها من خلال استئصالها واستبدالها بشجرة أخرى وتجاهل حضورها وحقها في التواجد في البيئة التي تواجدت فيها منذ القدم .. ولا يفوتنا التذكير بأن إدخال أنواع نباتية أو حيوانية جديدة إلى البيئة المحلية يسبب خللاً بيئياً كبيراً يصعب إصلاحه وتفادي أخطاره .. وإذا ما رغب الإنسان في التغيير وتحقيق فوائد اقتصادية فما عليه إلا أن يختار أنواعاً برية من بيئته المحلية ويبحث في ميزاتها وفوائدها وأسرارها الغذائية والعلاجية والبيئية والتجميلية ويعمل على إكثارها وزراعتها في الحقول والطرقات والمنتزهات































