ولكن لا يوجد على الأرجح أي اتفاق يذكر بين أكبر قوتين بالاتحاد الأوروبي حول نوع التغيير المطلوب ومدى السرعة في تنفيذه بعد سنوات من أزمة اقتصادية وسياسية في أوروبا خلفت تداعيات كبيرة في برلين وباريس.
وهذا يشير إلى أن الآلة الفرنسية الألمانية التي أدارت الاتحاد الأوروبي لعشرات السنين قد تواجه صعوبات لتحقيق التغيير الذي يشعر الكثير من الأوروبيين بأهميته لاستعادة ثقة المواطنين ووقف موجة التأييد للجناح اليميني والحيلولة دون التفكك التدريجي للكتلة الأوروبية.
وبدأت أوروبا في مطلع الأسبوع في تقبل فكرة اتحاد أوروبي بدون بريطانيا. وتصدر إشارات متضاربة من الساسة على جانبي نهر الراين رغم الوثيقة المشتركة الصادرة عن وزيري خارجية ألمانيا وفرنسا للحد من الخلافات وإبراز التفاهمات.
وتمثل الخلاف الأوضح والمباشر في كيفية التعامل مع بريطانيا في أعقاب الاستفتاء.
وخلال اجتماع عقده حزب المحافظين بزعامة المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل جنوبي برلين، أوضحت هي ومساعدوها أنهم مستعدون لإعطاء بريطانيا الوقت الذي تحتاجه لتسوية اضطراباتها السياسية قبل البدء في محادثات بشأن شروط الخروج من الاتحاد.
ويراود بعض المسؤولين في برلين الأمل حتى في إمكانية إلغاء الاستفتاء. وبغض النظر عن ذلك فإن الأولوية بالنسبة لهم تتمثل في منع حدوث انفصال كبير مع لندن.
وقال مسؤول ألماني كبير لرويترز "الاتحاد الأوروبي لديه بالطبع الوسائل للضغط على بريطانيا، ولكن يجب ألا نركز على ذلك. إنهم بحاجة إلى الوقت ليستوعبوا ما الذي فعلوه. ليست هناك حاجة للتهديدات أو الضغط في الوقت الراهن".
ويبعث الساسة الفرنسيون من مختلف أنحاء الطيف السياسي برسالة مختلفة. فقد أوضحوا في الأيام القليلة الماضية أن من الضروري حدوث انفصال سريع بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي. ويصف البعض خروج بريطانيا من الاتحاد بأنه فرصة لفرنسا للتأكيد مجددا على زعامتها في الاتحاد.
وقال وزير الخارجية الفرنسي جان-مارك أيرو "لا مجال للعبة القط والفأر".
وبخلاف القضية المتعلقة بموعد إجراء محادثات خروج بريطانيا من الاتحاد لا تزال ألمانيا وفرنسا منقسمتين بشدة حول كيفية إصلاح أوروبا بعيدا عن المفهوم الذي يقول إنه يجب عمل شيء، وذلك لإعادة تذكير المتشددين بالهدف الأوروبي.
وستجتمع ميركل مع الرئيس الفرنسي فرنسوا أولوند في باريس يوم الاثنين بحضور رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك، ورئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينتسي، في محاولة لإعداد رسالة مشتركة قبل قمة للاتحاد الأوروبي يومي الثلاثاء والأربعاء.
وأبلغت ميركل التي أصبحت متحفظة أكثر من أي وقت مضى، أعضاء حزبها المحافظ في مطلع الأسبوع بأنها لا ترى حاجة لتجديد جذري للاتحاد الأوروبي في أعقاب تصويت بريطانيا للخروج من الاتحاد.
وقالت إن على أوروبا أن تأخذ وقتها قبل التعبير عن رد فعلها على الأمر، وأن تتحلى بالصبر في معالجة أخطائها.
وبالنسبة للألمان فإن الأمرين اللذين لهما الأولوية لأوروبا هما: الاتفاق على آلية عادلة لتوزيع اللاجئين في أنحاء الكتلة والمضي قدما في إصلاحات هيكلية في الدول الضعيفة اقتصاديا لتحسين آفاق النمو على المدى الطويل.
والفرنسيون في وضع مختلف. فعلى النقيض من ميركل التي يبدو أنها في طريقها للفوز بولاية رابعة العام القادم يبدو الرئيس الفرنسي هولاند ضعيفا سياسيا ولن يتمكن على الأرجح من بلوغ الجولة الثانية للانتخابات الفرنسية المقررة الربيع القادم حال ترشحه.
وتواجه حكومته تحديا كبيرا من الجبهة الوطنية التابعة لليمين المتطرف. وتعاني من احتجاجات ضد إصلاحات سوق العمل. وتعيش فرنسا في ظل حالة الطوارئ التي فرضت في أعقاب هجمات نفذها متشددون إسلاميون في نوفمبر تشرين الثاني الماضي والتي أسفرت عن مقتل 130 شخصا في باريس.
وقال رئيس الوزراء الفرنسي السابق فرانسوا فيون اليوم الأحد "الثنائي الفرنسي الألماني لم يعد قائما في اعتقادي، ليس بسبب من في السلطة، ولكن لأنه لم يعد لدينا أي مصداقية لدى الألمان".
وأضاف "سيكون من الصعب للغاية على فرانسوا هولاند أن يطلق مبادرة أوروبية جديدة. الأمر يتطلب مصداقية لعمل ذلك".
لكن ذلك لم يمنع أولوند ورئيس حكومته مانويل فالس من التحدث عن الحاجة للإسراع "لتغيير" أوروبا.
ومع ذلك فإن رؤيتهما -التي يمكن إيجاد عناصر منها في الوثيقة المشتركة لوزيري خارجية فرنسا أيرو ونظيره الألماني فرانك فالتر شتاينماير- تضع الأولوية المتعلقة بالأمن في جهة ووجود أوروبا أكثر "اشتراكية" في الجهة الأخرى.
ويتبنى نفس الرؤية الحزب الديمقراطي الاشتراكي في ألمانيا. واصدر زعيم الحزب زيجمار جابرييل وزميله في الحزب مارتن شولتز وثيقة منفصلة في مطلع الأسبوع تدعو إلى تحول كبير في الأولويات الاقتصادية في أوروبا بعيدا عن النظام المالي ونحو المزيد من السياسات الداعمة للنمو، لكن حلفاء ميركل المحافظين لا يؤيدون أيا من ذلك.
وقال حليف بارز لميركل لرويترز "الاشتراكيون يريدون من دافعي الضرائب الألمان مساعدة دول لا تتبنى الإصلاح.. ستكون هذه كارثة".
وحول ملف برطانية ونتائج الاستفتاء كان للشمس صباح اليوم الاثنين لقاء مع كل من د. احمد محيسن و عطا الله سعيد و رمزي حلبي رئيس المجموعة العربية في حزب العمل
للاستماع للمقابلات كاملة