نشرت منظمة أطباء لحقوق الإنسان بيانا جاء فيه: "تكشّف من معطيات قامت مؤسسة أطباء لحقوق الإنسان بجمعها، أنه قد طرأ منذ العام 2016 تشديد ملحوظ على سياسة منح التصاريح الإسرائيلية للمرضى القادمين من قطاع غزّة، المحتاجين للخضوع لعلاج طبي خارج القطاع، ومن ضمن هؤلاء مرضى مصابون بأمراض خطيرة كالسرطان والقلب.
حتى نهاية شهر تموز، عالجت أطباء لحقوق الإنسان 158 توجها مقدّما من مرضى ومرافقيهم، ممن تم رفض طلباتهم لاستصدار تصاريح. وقد كانت هنالك 43 حالة من ضمن هذه الحالات (أي 27%) مقدّمة من مرضى سرطان بحاجة إلى علاج طبي. ولغرض المقارنة، فخلال طوال العام 2015 تلقّينا 48 توجّها من مرضى السرطان ممن تم رفض طلباتهم، فيما تلقينا 23 طلبا خلال العام 2014. إلى جانب ذلك، وعلى العكس من العام الماضي حيث تلقى جميع المرضى في نهاية المطاف تصاريح مرور بعد تدخل المؤسسة، فإن أغلبية الحالات في العام 2016، حتى بعد تدخّل أطباء لحقوق الإنسان بشأنها، فقد تم تلقي رد يفيد برفض طلب مريض السرطان بالمرور لأسباب أمنية. ويجدر التذكير بأن الحديث يدور أحيانا عن مرضى في منتصف العمليات العلاجية، حيث خرج هؤلاء لعدة جولات من العلاج الكيماوي وعادوا إلى قطاع غزّة، وقد تم رفضهم حين طلبوا الخروج مجددا لإجراء جولة جديدة ضرورية لاستمرارية العلاج بما تحمله من فرص نجاح شفائهم من المرض.
إن إسرائيل، عبر رفضها منح التصاريح، تمنع أولئك المرضى من الخضوع للعلاج الوحيد المتوفر لهم خارج القطاع، وذلك بسبب انعدام وجود الكثير من الصنوف العلاجية لمرضى السرطان بسبب العوائق التي تضعها إسرائيل أو بسبب صعوبات مادية واعتبارات أخرى للسلطة الفلسطينية. وبناء عليه، فإن المرضى يطالَبون بتلقي العلاج الضروري في المشافي الفلسطينية في الضفة الغربية والقدس الشرقية أو في مشافي إسرائيليّة بتمويل من السلطة الفلسطينية.
كان ’ك‘، الذي يبلغ من العمر 25 عاما من دير البلح، يعاني من سرطان العظام، حيث تفشّى المرض في جسده إلى أن وصل رئتيه. في العام 2015 خرج ’ك‘ من غزّة لإجراء علاجات في مشفى "النجاح" في نابلس. وفي بداية العام 2016 تم تعيين مواعيد لبضعة علاجات كيماوية إضافية له في المشفى ذاته. وبعد أن تم رفض طلبه لاستصدار تصريح بالخروج ثلاثة مرات (!) توجهت عائلته إلى أطباء لحقوق الإنسان. وقد تم رفض طلب المؤسسة المقدم إلى وحدة الارتباط والتنسيق على حاجز إيرز، الذي شمل تأكيد على الخطر المتأتي من عدم تلقي العلاج، وطلبا بالسماح بخروجه في أقرب فرصة، وقد تم الرفض بادعاء أن المريض "مرفوض لأسباب أمنية". وبعد شهرين، في حزيران 2016، توفي ’ك‘.
في سنين سابقة، وفي أعقاب تدخل أطباء لحقوق الإنسان، تمكنت المؤسسة من تغيير نتيجة الرد على طلبات الكثير من الملتمسين الذين تم رفض توجهاتهم لأسباب أمنية. بالإمكان، مثلا، مراجعة تقرير "مرفوضون" الصادر في العام 2014 والذي يشير إلى 47.5 بالمئة من حالات تغيير القرار، وتقرير "مرفوضون 2" للعام 2015، الذي ينشر هنا للمرة الأولى، والذي تم فيه تسجيل ارتفاع في منسوب تغيير رد الجهات الأمنية حتى بلغ 62%. إلا أنه وفي بداية العام 2016، طرأ انخفاض ملموس في الاستجابة لتوجهات المؤسسة إلى حد بلغت فيه نسبة تغيير القرارات الرافضة إثر توجهات المؤسسة إلى نحو 25%. هذه المعطيات تشير إلى التعسفية الكامنة خلف عملية اتخاذ القرارات المتعلقة بعملية الموافقة على إصدار تصاريح، وعلى الاستخدام السياسي لعمليات الرفض لأغراض أمنية من دون وضع أي اعتبار لموضوع الضرر المتسبب لصحة المتعالجين. يجب على إسرائيل التوقف عن سياسة العقاب الجماعي وتمكين خروج المرضى للعلاج بأقرب فرصة وبشكل ثابت خاصّةً مرضة السرطان.
"إن إسرائيل تطبّق، تحت غطاء الادعاءات الأمنية، سياسة عقوبات جماعية ضد سكان غزّة، وهي سياسة تضر بشكل متزايد بمرضى الحالات الأصعب، الذين يعيشون في ظل وضع يتهدد حياتهم، من دون توفر إمكانيات معالجتهم داخل القطاع"، على حد قول د.رائد حاج يحيى، عضو إدارة في أطباء لحقوق الإنسان الذي يشارك في بعثات المؤسسة إلى القطاع. "إن إسرائيل لا تكتفي بفرض حصار على مجمل قطاع غزّة وحرمانهم من قدرتهم على تقرير مصيرهم أو السيطرة على حياتهم، بل إنها تغلق الباب في وجه أولئك المحتاجين إليه أكثر من أي شخص آخر، وتحكم عليهم بالمعاناة، بل والموت"" الى هنا نص البيان.