الرقيه الشرعية تُعتبر، من أهم وسائل الحصانة التي أقرها الشرع الإسلامي الحنيف، من صحيح كتاب الله عز وجل وسنة حبيبه ومصطفاه صلى الله عليه وسلم، وهي تصلح للمسلم في جميع أحواله، فهي تعد صالحة للكبير والصغير، كما أنها تكون سببًا مباشرًا لتحصين الإنسان المسلم، من شياطين والإنس والجان.
وتعد من وسائل الحفظ التي أقرها الله عز وجل في كتابه العزيز، وأخبر به نبيه وحبيبه ومصطفاه محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، إلا أن الرقيه الشرقية لها تعريفٌ أكثر وضوحًا، إلى جانب ضرورة توافر مجموعة ضوابط معينة، وشروط محددة، كما توجد أصناف من الرقية التي تعد في الشرع الحنيف من المحرمات والتي ترفضها ولا تقرها الشرعية الإسلامية الغراء.
ما هي الرقيه الشرعية؟
يعرف علماء الأمة وفقهائها الرقيه الشرعية، على أنها عبارة عن قراءة من أحد الأشخاص المشهود لهم بالصلاح والتقوى وصحة القراءة بتلاوة بعض الآيات القرآنية المنصوص عليها في كتاب الله عز وجل بكونها تصلح للرقيه الشرعية. أو مجموعة من الأدعية المنصوص عليها في الكتب المُعتمدة والمستمدة من صحيح الكتاب والسنة، وتتم قراءتها على الموضع الذي يعاني فيه الإنسان من الألم في جسده أو المريض الذي يخضع للرقيه الشرعية، أو في حالة الرغبة في رقية الأطفال رقيه شرعية كاملة وصحيحة، بحيث تقيهم وتحفظهم من شرور بعينها، مثل البكاء المتواصل، أو عدم الرغبة في تناول الطعام، أو اللهو واللعب على نحو يقلق الآباء والأمهات، وغيرها من المواضع الكثير.
وتعتبر الرقيه الشرعية من الأساليب المنتشرة بشكلٍ كبيرٍ في الوطن العربي وجميع أنحاء العالم، وباتت من الأساليب العلاجية الشائعة بكثرة خلال السنوات الأخيرة، وقد أثبت النصوص الشرعية من القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة، صحة ومشروعية اللجوء للرقيه الشرعية في الدين الإسلامي العظيم.
ويشير علماء الأمة الإسلامية وفقهائها المعتمدين، إلى أن من الأفضل من يقوم الفرد المسلم بعمل الرقيه الشرعية لنفسه، وذلك سيرًا على خطى نبي الإسلام محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، صاحب القدوة والأسوة الحسنة، والذي كان يقوم بعمل الرقيه الشرعية لنفسه بنفسه، إلا أن الشرع الإسلامي قد حذر أيما تحذيرٍ من أن يسخر الإنسان أو يمتهن بالرقيه الشرعية.
ونهت الشرعية الإسلامية الغراء عن ذلك بشدة، ومثال ذلك أن تتم تلاوة الآيات القرآنية والأدعية المأثورة والواردة في النصوص الإسلامية المُعتمدة على المرضى، على أن يكون مقابل ذلك أخذ مقابل مادي مقابل تأدية تلك الخدمة، فقد حذرت الشريعة الإسلامية تحذيرًا شديدًا من ذلك الأمر، حيث يعد نوعًا غير مقبولٍ من الاستغلال للناس واحتياجاتهم المُلحة وكذلك الإضرار بهم وتعريضهم للسوء.
شروط القيام بعمل الرقيه الشرعية
وإذا كانت تلك السطور السابقة تتحدث عن تعريف واضحٍ وشاملٍ للرقيه الشرعية، فإن للرقيه الشرعية شروطًا لابد من توافرها، حتى تكون رقيه شرعية صحيحة ومقبولة بإذن الله وهي ألا تشتمل الأدعية الواردة فيها، أو الممارسات أثناء القيام بتنفيذها، أي نوعٍ من الأنواع التي تندرج تحت الشركيات بالله عز وجل، أو ارتكاب أي من المحرمات التي يرفضها الشرع الحنيف.
وثاني تلك الشروط فهي أن تكون الرقيه الشرعية باللغة العربية التي تكون مفهومة وواضحة المعاني والكلمات بالنسبة لمن يسمعها.
وثالثهما، ألا يعتقد القائم بالرقيه الشرعية أو المرء المريض أو ذي الحاجة في الرقيه الشرعية، أن السبب الأساسي في علاجه وشفاءه من مرضه، دون الاعتداد بأن المولى سبحانه وتعالى هو الشافي والمُعافي من كل مرضٍ وداءٍ، ورابع تلك الشروط، أن يكون كلًا من القائم بالرقيه الشرعية، ومن تتم بحقه الرقيه الشرعية، على طهارة كاملة من الحدثين الأصغر والأكبر، أن يتوجه القائم بعملية الرقية الشرقية نحو القبلة، وأن يستقبلها أثناء قيامه بالرقيه الشرعية.
تعليمات مهمة بشأن الرقيه الشرعية
حدد العلماء جملة من الإرشادات الهامة التي تتعلق بالرقيه الشرعية، أولها أنه من المحبذ والمفضل أن يتم الجمع في نصوص الرقيه الشرعية بين الآيات القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الشرقية، إلا أنه في العادة يمكن الاكتفاء بأحدهما لتغني عن الأخرى، كما يُرشد العلماء أيضًا إلى ضرورة النفث، وهو ما يُطلق على النفخ الخفيف والبسيط مع خروج طفيف للريق أثناء قراءة نصوص الرقيه الشرعية، أو بعد انتهائها، ومن الممكن ترك بعضًا منه.
يستحسن أيضًا أثناء قراءة الرقيه الشرعية أن تتم وضع اليد على ناصية الشخص أو مقدمة رأسه أو على المكان الذي يعاني منه من الألم والوجع، مع الأخذ في الاعتبار ضرورة عدم استحلال لمس النساء الأجنبيات من غير المحارم للشخص الذي يقوم بعملية الرقيه الشرعية، يفضل التركيز على بعض الآيات أو الأدعية لمدة ثلاث مرات أو خمس مرات أو حتى سبع مرات، أي "الوتر"، وذلك عند ملاحظة تأثر من يتعرض للرقية الشرعية بتلك الآيات القرآنية أو الأدعية.
ومن المهم جدًا أن تكون نية من يقوم بعملية الرقيه الشرعية، هي نفع من يتعرض للرقيه الشرعية، والسعي إلى شفائه، والعمل على تخفيف ما يتعرض له من الألم بإذن الله، من الضروري العلم أيضًا أن الرقيه الشرعية قد تستغرق يومًا أو أسبوعًا كاملًا، وربما أدنى من ذلك أو أكثر بعض الشيء، ويحدد هذا الوضع العام للمريض ومدى استجابته للرقيه الشرعية التي تتم بحقه.
وهناك نقطة مهمة للغاية ينبغي على من يقوم بالرقيه الشرعية أن يراعيها، وهي أنه إذا تبين له أن من تقرأ له الرقيه الشرعية يعاني من المس أو السحر، فعلى من يقوم بالرقيه الشرعية الإكثار من تلك الآيات التي ذكرت فيها أمور السحر، وبشكلٍ خاص سورتي الفلق والناس.
وختامًا ينبغي أن نؤكد أن الرقيه الشرعية لا تُعد غاية في حد ذاتها، إنما وسيلة من الوسائل أو سبب من الأسباب الشرعية والمعتدة في الشرع الإسلامي الحنيف، والتي يمكن الأخذ بها من أجل الطهارة أو التخلص من المرض أو تحقيقًا لحاجة في نفس الإنسان، وليست غاية يعتمد عليها الإنسان أو يؤمن في كونها السبب المخلص لما يعاني منه من آلام أو مشاكل.