عقوق الوالدين
العقوق هو المعنى المعاكس للبر، وهو عكس ما وصانا به الله تجاه الوالدين، ولهذا فإن عقوق الوالدين هو عدم طاعتهما في حياتهما، كما أنه كل قول أو عمل يؤذي الوالدين من أبنائهما، ويسبب لهما الألم والحزن، أو عدم الاهتمام بهم وتوفير ما يحتاجونه.
أشكال عقوق الوالدين
تتعدد أشكال عقوق الوالدين، فقد يكون واضحاً جلياً وبشكل صريح، حيث من الممكن أن يلعن أو يسب الابن والديه مع عدم الاهتمام بهما أو الإنفاق عليهما، وخصوصاً وقت حاجتهما، ويرفض تقديم المساعدة لهم بأي شكل من الأشكال، سواء معنوية أو مادية، وربما تمر أشهر وأكثر من ذلك دون أن يطمئن الابن على والديه أو يتفقدهما، وهناك أيضاً من يصرخ على والديه ويرفع نبرة صوته عليهما، ويظهر ضجره وضيقه وانزعاجه من طلباتهما وسؤالهما، أو يسخر من أفعالهما، وخصوصاً إذا عانى أحدهما من أمراض الشيخوخة التي تتسبب بفقدان الذاكرة، وربما يقوم الابن بتفضيل زوجته وأولاده على والديه، وأكبرها أن يقوم الابن بضرب والديه والاعتداء عليهم.
أسباب عقوق الوالدين
• جهل الأبناء بحقوق الوالدين، فالجهل يؤدي الى ارتكاب أفظع الأشياء وأكبرها.
• سوء التربية، فعدم احسان تربية الأبناء على التقوى والبر سيؤدي إلى تمردهم وعقوقهم لأباءهم عندما يكبرون.
• الصحبة السيئة التي تفسد الأولاد وتدفعهم لعقوق الوالدين، وتؤثر في القيم الأخلاقية والدينية للأبناء.
حكم عقوق الوالدين في الإسلام
حذر الرسول صلى الله عليه وسلم من عقوق الوالدين، وخصوصاً عقوق الأمهات، حيث يعتبر حقوق الوالدين من أكبر الذنوب والكبائر التي قد يرتكبها الإنسان، ووعد الله بعذاب العاقين بنار جهنم، وتوعدهم بسكرات موت شديدة نتيجة معاناة الوالدين، حيث قال الله عز وجل: (وقضىٰ ربُك ألا تعْبُدُوا إلا إياهُ وبالْوالديْن إحْسانًا ۚ إما يبْلُغن عندك الْكبر أحدُهُما أوْ كلاهُما فلا تقُل لهُما أُفٍ ولا تنْهرْهُما وقُل لهُما قوْلًا كريمًا *واخْفضْ لهُما جناح الذُل من الرحْمة وقُل رب ارْحمْهُما كما ربياني صغيرًا) "الإسراء: 23-24"، وهذا دليل شرعي جلي وواضح يبين حرص الإسلام على بر الوالدين ورحمتهما، فكما وعد الله بعذاب من يعق والديه، فقد وعد في المقابل بالرزق والسعادة لمن يبرهما، ويحسن معاملتهما.
أشكال البر بالوالدين في حياتهما
تتعد أشكال بر الوالدين ولا يمكن حصرها في مقالات عدة، ومنها ما يأتي:
• طاعة الوالدين والابتعاد عن معصيتهما، وتقديم طاعتهما على طاعة كل البشر، إن لم يكن في ذلك معصية لله عز وجل أو رسوله صلى الله عليه وسلم، إلا الزوجة حيث إنها تقدم طاعة زوجها على طاعة والديها وفي طاعة الله أيضاً.
• الإحسان إليهما بالقول والفعل، وفي جميع أوجه الإحسان.
• التذلل لهما، وخفض الجناح لهما، والتواضع في التعامل معهما.
• عدم زجرهما أو نهرهما، والتلطف بالكلام معهما، والحذر من رفع الصوت عليهما أو في حضرتهما.
• الإصغاء لحديثهم، وعدم مقاطعتمها أو منازعتهما في الحديث، والحذر من رد حديثهما أو تكذيبهما.
• عدم التأفف من أوامرهما، والضجر منها، فقد قال الله تعالى في سورة الاسراء: "فلا تقُلْ لهُما أُفٍ ولا تنْهرْهُما".
• لقائهما ببشاشة وترحاب، وعدم العبوس في وجههما أو التجهم.
• التحبب لهما والتودد إليهما، كالبدء بالسلام، وتقبيل يديهما، والتوسع لهما في المجلس، وعدم الأكل قبلهما، والمشي خلفهما نهاراً وأمامهما ليلاً.
• عدم التمنن عليهما في العمل أو الخدمة أو الضجر منه، فإن ذلك من مساوئ الأخلاق.
• تقديم حق الأم، وتقديرها، والعطف عليها، والإحسان لها، وذلك لما جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: "جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله من أولى الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك".
• مساعدتهما في أعمالهما، فلا يصح أن يرى الابن أحد والديه يعمل ويقف متفرجاً.
• عدم إثارة الجدال والشجار أمامهما، وحل المشاكل بعيداً عنهم.
• الإسراع في تلبية ندائهما والرد السريع عليهم، سواء في حال الانشغال أو عدمه.
• التوفيق والإصلاح في حال وجود خلاف بين الوالدين، وتقريب وجهات النظر من بعضها البعض.
• الاستئذان عند الدخول عليهما.
• استشارتهم في كل الأمور والاستنارة برأيهما في أمور الحياة.
المراجع
بتصرف عن كتاب عقوق الوالدين: أسبابه - مظاهره - سبل العلاج/ محمد بن إبراهيم بن أحمد الحمد/ موقع وزارة الأوقاف السعودية.