• ظاهرة التسرب المدرسي
هناك اختلاف كبيرة حول تعريف ظاهرة التسرب المدرسي من بلد لآخر تبعا لقوانينه؛ فبعض الدول تربطها بالمرحلة الابتدائية بينما البعض الآخر يربطها بالمرحلة المتوسطة، وهناك من يربطها بالمرحلة الثانوية، وقد عرفتها منظمة اليونيسيف العالمية بأنها: عدم التحاق الأطفال الذين ما زالوا في عمر التعليم بالمدرسة، أو ترك المدرسة برغبتهم أو رغما عنهم لظروف خارجية، دون إكمال المرحلة التعليمية التي يدرسون فيها بنجاح، أو عدم المواظبة على الانتظام بالدوام لعام أو أكثر.
نلاحظ هنا أنَ أي طفل لا يكمل مرحلته الدراسية بنجاح نتيجة التغيب عن المدرسة يطلق على سلوكه التسرب المدرسي، ولا تظهر نتائج هذا التسرب المدرسي سواء للبنين أو البنات إلا في المستقبل، وإذا زادت هذه الظاهرة في أي مجتمع فإن السمة الأغلب التي ستظهر عليه هي عدم تعلم أفراده، وسيكون له أثر ضار؛ لأن هذا المجتمع سيفتقد إلى الكثير من الأعمال والتَخصصات التي لا يمكن تأديتها إلا بوجود الدراسة المتخصصة والمتعمقة، كما ستؤدي إلى انتشار البطالة، والجهل، والفقر والفساد، وزيادة تكلفة التعليم.
• أسباب التسرب المدرسي
للتسرب أسباب عديدة وكثيرة ومنها:
- وجود مشاكل لدى الأسرة
هي التي تتعلق بحياة الطالب في بيته وضمن أسرته، وهي:
تخلخل وفشل العلاقات داخل الأسرة، سواء بين الأب والأم، أو بين الأبناء، مما يزيد من أجواء التوتر والقلق في البيت، وبالتالي زيادة المشاحنات والخلافات داخل الأسرة، مما يفقد الطالب الإحساس بالأمن.
ثقة الوالدين الزائدة بأبنائهم، وعدم إتباع قوانين الضبط والرقابة على تصرفاتهم، مما يتيح للطالب الفرصة بالقيام بالأعمال التي يشعر انها صحيحة دون استشارة والديه.
انشغال الوالدين الدائم عن أبنائهم، وعدم الاهتمام بأمورهم ومراعاتهم.
الدلال الزائد للأبناء، مما يجعلهم أشخاصا اتكاليين وغير مسؤولين، يسهل انقيادهم وانجذابهم لما يرونه خارج المنزل.
استخدام القسوة المفرطة في التعامل مع الأبناء، والتدخل في شؤنهم بشكل كبير، مما يدفعهم إلى البحث عن مكان خارج المنزل للتفريغ عن كبتهم.
عدم قدرة الأسرة على توفير المتطلبات المدرسية بشكل دائم، مما يدفع الطالب للغياب عن المدرسة حتى لا يشعر بالإحراج من عدم إحضار ما طلب منه.
- وجود مشاكل لدى الطالب
هي التي تتعلق بالطالب نفسه وتتمثل بما يلي:
التمرد على القوانين الصارمة في البيت والمدرسة، وأساليب القمع التي يعامل بها في بيئته، وبالتالي هروبه من المدرسة من باب إثبات وجوده والتمرد على القوانين والعقاب.
بعد موقع المدرسة عن موقع البيت بمسافات كبيرة، فيكون الطفل مجبرا على سيرها، أو انتظار مواصلات النقل ليصلها.
ضعف الطالب أكاديميا، وتدني تحصيله المدرسي، مما يسبب له خجلا أمام زملائه، وبالتالي ضعف دافعيته نحو التعلم، وعدم القدرة على التكيف مع المدرسة والطلاب.
استعدادات الطالب وميوله وقدراته الذاتية.
خجل الطالب من نفسه بسبب إصابته بإعاقة معينة أو مرض يمنعه من مواكبة زملائه ومجاراتهم، مما يؤثر بشكل سلبي في نفسيته، ويدفعه للهروب من المدرسة لإثبات ذاته.
- أسباب مدرسية
وهي تلك التي تتعلق بالبيئة المدرسية التي يتواجد فيها الطالب، ومن أهمها:
افتقاد الطالب للأمن المدرسي داخل أسوار المدرسة، بسبب انعدام التقدير والاحترام بين الطلاب والمعلمين.
عدم تلبية المناهج لمتطلبات الطالب الاجتماعية والشخصية.
خلو البرنامج الأكاديمي من الأنشطة التي تناسب ميول الطلبة وتراعي مستوى الطلاب، وقدراتهم واستعداداتهم، والتي تساهم في تخفيف التوتر، وتشبع ميولهم.
تكليف الطالب بعدد كبير من الواجبات المدرسية، مما يمنع الطالب من إنجازها كلها، وبالتالي تعريضه للعقوبة.
طرق التدريس غير ملائمة ولا مناسبة للمنهج الدراسي، فقد يكره الطالب المدرسة نتيجة سوء التصرف معه، أو لعدم قدرته على فهم المواد مما يجعله يرسب ولا يستطيع إكمال المرحلة الدراسية بنجاح.
انعدام الثقة بين الطالب والهيئة التدريسية، مما يدفعه للجوء إلى أطراف خارجية لحل مشكلاته.
اضطراب النظام المتبع في المدرسة، والذي يقوم على العقاب مرة، وعلى الإهمال في الحرم المدرسي والتسيب مرة أخرى، وعدم وجود قوانين ردع تمنع الطلاب من تجاوز القوانين وانعدام عنصر التحفيز والتشجيع.
إتباع أنظمة عقاب عشوائية في معاقبة الطالب، كالتهديد، والطرد من الحصص، أو كتابة الواجب أكثر من عشر مرات، وغيرها من العقوبات العشوائية التي لا تستند إلى قوانين معينة وثابتة.
• الإجراءات العلاجية للمتسربين
- التشجيع من المعلم، والأنشطة المختلفة التي يقوم بها من أجل تحبيب الطلاب في المادة التعليمية التي يعطيها من شأنها أن تكسر الروتين وتجعل الطالب يحب المادة ويحب أن يحضر حصتها.
- تفعيل دور المرشد وهو يلعب دور مهم وكبير في المدرسة، من خلال التأليف بين قلوب الطلاب وتشجيعهم على التفاعل والتواصل بشكل يجعلهم متماسكين ويساعدون بعضهم البعض، لا أن يتنمروا وأن يؤذوا الضعفاء وبالتالي يتغيبون بسببهم.
- التحدث مع الأهل والأصدقاء في الموضوع من أجل الحصول على الدعم النفسي والحلول البناءة للخروج من المشكلة والتخلص منها.
- تعزيز دور الأهل في حياة الطالب، وخضوعه لرقابتهم الدائمة.
- تجنب مصادقة رفاق السوء الذين يجرون الصاحب لعمل الأشياء السلبية كترك المدرسة والتغيب عنها.
- العقاب الصارم بحق الطلاب الذين يتغيبون عن المدرسة، وهو الأمر الذي سيجعل الطالب يحسب حسابا لهذا الأمر وبالتالي يفكر أكثر من مرة قبل عمله.