تحدث باحث قانوني مصري عن سيناريوهات المرحلة المقبلة في الحرب على غزة وآفاق المفاوضات الجارية.
وقال الدكتور محمد محمود مهران، أستاذ القانون الدولي العام وعضو الجمعيتين الأمريكية والأوروبية للقانون الدولي: "نحن أمام مفترق طرق حاسم في مسار الصراع في غزة، فبعد أكثر من ستة أشهر من العمليات العسكرية المكثفة والمعاناة الإنسانية الهائلة بات من الواضح أن الحل العسكري لن يحقق الأهداف المرجوة".
وأضاف مهران في تصريحات خاصة لموقع الشمس، أنه من منظور القانون الدولي فإن استمرار العمليات العسكرية في غزة يثير إشكاليات قانونية خطيرة خاصة فيما يتعلق بحماية المدنيين والأعيان المدنية، موضحا أن اتفاقية جنيف الرابعة والبروتوكولات الإضافية تلزم جميع أطراف النزاع بحماية السكان المدنيين وتجنيب المنشآت المدنية ويلات الحرب.
سيناريوهات المرحلة المقبلة
وحول السيناريوهات المحتملة للمرحلة المقبلة، أوضح أستاذ القانون الدولي أنه يمكن تصور ثلاثة سيناريوهات رئيسية والمتمثلة في سيناريو الإنفراجة السريعة، حيث يمكن أن تنجح الجهود الدبلوماسية المكثفة في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، مشيرا إلى أن هذا السيناريو رغم صعوبته يبقى الأمل الأكبر لتخفيف المعاناة الإنسانية في غزة.
وتابع مهران: "أما السيناريو الثاني المتمثل في الجمود المطول يفترض أن تستمر المفاوضات دون تحقيق اختراق حقيقي، مع استمرار العمليات العسكرية بوتيرة منخفضة، مشددا علي أن هذا الوضع قد يؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية وزيادة الضغط الدولي على جميع الأطراف.
كما لفت مهران إلى أن السيناريو الثالث والمتمثل في التصعيد الشامل حيث لفت إلى أنه يمكن أن تفشل المفاوضات تمامًا في هذا السيناريو وتتجدد العمليات العسكرية بشكل مكثف، مما قد يؤدي إلى توسع نطاق الصراع إقليميًا.
سيناريو الإنفراجة السريعة هو الأكثر توافقا
وأكد مهران أن السيناريو الأول هو الأكثر توافقا مع متطلبات القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، مؤكدا أن قرار مجلس الأمن الأخير الذي يدعو لوقف إطلاق النار الفوري يشكل التزامًا قانونيًا على جميع الأطراف، وكذلك قرار محكمة العدل الدولية في دعوي جنوب إفريقيا.
وحول إمكانية حدوث انفراجة قريبة في المفاوضات، لفت الخبير الدولي إلى أن هناك مؤشرات إيجابية تدعو للتفاؤل الحذر، معتبرا أن الضغط الدولي المتزايد قد يدفع إسرائيل نحو مزيد من المرونة في موقفها التفاوضي.
واستطرد: "إن الوضع الإنساني الكارثي في غزة يشكل عاملًا ضاغطًا على جميع الأطراف للتوصل إلى حل سريع، مؤكدا أن القانون الدولي الإنساني يلزم الأطراف بضمان وصول المساعدات الإنسانية للمدنيين، موضحا أن ذلك لا يمكن تحقيقه بشكل كامل إلا بوقف الأعمال العدائية".
مجلس الأمن مطالب بالضغط علي الأطراف للتوصل لحل سلمي
كما أكد مهران علي أن المجتمع الدولي يقع علي عاتقه وخاصة مجلس الأمن الدولي، مسؤولية كبيرة في الضغط على الأطراف للالتزام بقواعد القانون الدولي والتوصل إلى حل سلمي، مشيرا إلى أن الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة يمنح مجلس الأمن صلاحيات واسعة لإتخاذ تدابير لحفظ السلم والأمن الدوليين، مشيرا إلى أن أمريكا هي من تعطل عمل المجلس بمواقفها الداعمة لإسرائيل.
ودعا عضو الجمعيتين الأمريكية والأوروبية للقانون الدولي، الدول الفاعلة في المجتمع الدولي، خاصة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ومصر وقطر، إلي مواصلة جهود الوساطة وممارسة الضغط الدبلوماسي على الأطراف للتوصل إلى حل، لافتا إلى وجود تحديات قد تواجه أي اتفاق محتمل، مستدركا "حتى في حالة التوصل إلى اتفاق، سيكون هناك تحديات كبيرة في تنفيذه، معتبرا أن مسألة إعادة إعمار غزة وضمان عدم تجدد الأعمال العدائية وتحقيق المصالحة الفلسطينية الداخلية كلها قضايا معقدة تتطلب جهودًا دولية متواصلة".
استمرار الحرب وحصار غزة يشكلان انتهاكا مستمرا للقانون الدولي
كما أكد مهران علي أهمية أن يدرك المجتمع الدولي أن الوضع الراهن غير قابل للاستمرار وأن استمرار الحرب وحصار غزة يشكلان انتهاكا مستمرا للقانون الدولي ومصدرا دائما لعدم الاستقرار في المنطقة، مشددا علي أن الحل الشامل والعادل للقضية الفلسطينية ليس فقط ضرورة أخلاقية وقانونية، بل هو أيضًا ضرورة استراتيجية لتحقيق الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط بأكمله.
وشدد مهران في ختام حديثه بالتأكيد على ضرورة معالجة الأسباب الجذرية للصراع، مؤكدا علي أنه لا يمكن تحقيق سلام دائم دون معالجة القضية الفلسطينية بشكل شامل، مشددا علي أن القانون الدولي يعترف بحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة وأن أي حل مستدام يجب أن يأخذ هذا الحق بعين الاعتبار.
اقرأ أيضا
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي "الشمس" وانما تعبر عن رأي اصحابها.