جحا يحكم المدينة..ولكن من يتحكم ويحرك جحا؟ - Ashams

تابع راديو الشمس

جحا يحكم المدينة..ولكن من يتحكم ويحرك جحا؟

جحا يحكم المدينة..ولكن من يتحكم ويحرك جحا؟

shutterstock

قراءة في المشهد السياسي الإسرائيلي بين نتنياهو، حكومته، والجمهور

لطالما كانت مقولة "جحا يحكم المدينة" رمزًا ساخرًا لحالة من العبث والفوضى التي تحدث عندما يتولى غير المؤهلين مواقع السلطة. ولكن في الحالة الإسرائيلية الراهنة، يبرز سؤال أكثر عمقًا: هل يحكم "جحا" بالفعل، أم أن هناك من يحركه من وراء الكواليس؟



تعيش إسرائيل اليوم واحدة من أكثر الفترات السياسية اضطرابًا في تاريخها الحديث، حيث يقود بنيامين نتنياهو حكومة توصف بأنها الأكثر تطرفًا، ومع ذلك، ورغم الانتقادات الحادة داخليًا وخارجيًا، لا يزال نتنياهو يحتفظ بموقعه، مما يطرح تساؤلات حول استراتيجيته السياسية، بل والأهم، حول دور الجمهور الإسرائيلي في استمرار هذه الحالة العبثية.



نتنياهو: السياسي المحنك الذي يوظف "جحا" في الحكم


يُعرف بنيامين نتنياهو ب قدرته على المناورة والبقاء في السلطة رغم الأزمات المتتالية. منذ عودته إلى رئاسة الوزراء عام 2022، قام بتشكيل حكومة تضم شخصيات يمينية متطرفة او شخصيات تحكمها الاعتبارات الشخصية والتوظيف لمقربين او الشعبوية ناهيك عن ولائهم المطلق "للزعيم"، والعمل على مغازلتهم وابعاد كل من يحاول ان يكون ندا او معارضا له.




لكن السؤال الأهم هل هذه الشخصيات ذات النفوذ المتزايد في مرافق اتخاذ القرار هي التي تحكم بالفعل، أم أن نتنياهو هو من يستخدمها لتحقيق أهدافه الخاصة؟

 يبدو أن نتنياهو يوظف شخصيات تشبه "جحا" في مواقع السلطة، مما يسمح له بتوجيه المشهد السياسي دون تحمّل المسؤولية المباشرة عن القرارات المثيرة للجدل ويدفع بهم الى الواجهة الاعلامية لينقضوا على معارضيه كالذئاب  بالاضافة للسيطرة على مواقع حساسة في ماكينة اتخاذ القرار وتقويض اي جهة يمكن ان تكون معارضه له ولسياسته كما يحدث الان مع رئيس جهاز الامن العام والمستشارة القضائية للحكومة وقبلهما مع رئيس المحكمة العليا بالإضافة الى "تطويع" الشرطة على سبيل المثال


الجمهور الإسرائيلي: لماذا يواصل دعم "جحا"؟



رغم إدراك شريحة واسعة من الجمهور الإسرائيلي لحالة العبث والفوضى التي تعيشها الحكومة، فإن قطاعًا كبيرًا منهم لا يزال يدعم نتنياهو وحلفاءه.

والسؤال هنا: لماذا يواصل الناس التصويت لشخصيات غير كفؤة، رغم إدراكهم لتداعيات ذلك؟




1. لا  بديل


أحد العوامل الرئيسية التي تبقي نتنياهو وحلفاءه في السلطة هو عدم وجود بديل قوي. الأحزاب المعارضة تفتقر إلى الوحدة والقدرة على تقديم رؤية واضحة ومقنعة، مما يجعل الكثيرين يفضلون التمسك بالمألوف، حتى لو كان "جحا" هو الحاكم.



2. تلاعب نتنياهو بمخاوف المجتمع


يجيد نتنياهو استخدام سياسة التخويف، حيث يصور نفسه كـ"حامي إسرائيل" في مواجهة التهديدات الأمنية، سواء من إيران أو من الفلسطينيين أو حتى من "اليسار الداخلي". هذه الاستراتيجية تجعل الكثير من الناخبين يرون أن استمراره في السلطة ضروري للحفاظ على أمن البلاد، حتى لو كانت حكومته مليئة بالفوضى.



3. تأثير الإعلام والدعاية السياسية


يستخدم نتنياهو وحلفاؤه إعلامًا مؤيدًا قويًا للتأثير على الرأي العام، مما يساعده في تحويل الأنظار عن أزمات حكومته الداخلية. بالإضافة إلى ذلك، فإن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت منصة لتضخيم الرسائل الشعبوية التي تجذب الناخبين رغم عدم منطقيتها.


4. اليمين المتطرف يفرض نفوذه


في السنوات الأخيرة، أصبح التيار اليميني المتطرف أكثر قوة وتأثيرًا في إسرائيل، وبدأ يفرض أجندته بشكل واضح. هذا التيار يرفض أي حلول سياسية مع الفلسطينيين، ويؤيد سياسات القمع والتوسع الاستيطاني، وهو ما يجعل جمهورًا واسعًا يؤيد "جحاوات السياسة" مثل بن غفير وسموتريتش، حتى لو كانت تصرفاتهم غير عقلانية مع استغلال العداء للعرب والفلسطينيين بشكل عام كأداة لكسب الشعبية.



5. اللعبة الطائفية ومحاربة النخب


اللعب على جذب اهتام ودعم الحريدين من جهة والمستوطنين من جهة أخرى بالاضافىة الى اللعب على البطاقة الطائفية داخل المجتمع الإسرائيلي التي ما زالت تئثر خاصة بين أوساط الشرقيين من اليهود ومحاربة النخب الاشكنازية المتفذه


6.الاستفاده من انتخاب ترامب في الولايات المتحدة


الربط بين دونالد ترامب وبنيامين نتنياهو في قضية "محاربة الدولة العميقة" واستخدامهما للخطاب ضد المؤسسات التي اعتبروها معادية لسياساتهم. لتعبئة قواعدهما الشعبية.

في كلا الحالتين، كان الخطاب ضد "الدولة العميقة" بمثابة أداة لتعزيز الشرعية الشعبية. كانا يصوران أنفسهما كزعيمين مستهدفين من قبل القوى الداخلية التي لا تريد لهم النجاح، وكانوا مع فريقهم يعززون هذا الخطاب ليظهروا كمدافعين عن "إرادة الشعب" امام المؤسسات بما في ذلك المحكمة العليا.





7. العداء للمواطنين العرب

العداء للمواطنين العرب اصبح عاملا مهما لكسب الراي العام والشعبية في إسرائيل بدليل ان غالبية الوزراء يتنافسون من اجل تقليس الميزانيات المخصصة للسلطات المحلية العربية وحتى أحزاب المعارضة الطامحة لتكون بديلا لحكم نتنياهو وحزبه يتنافسون على ابراز مواقهم اليمينية والتأكيد في كل منصة على رفضهم للاستناد على النواب العرب في أي ائتلاف قادم والتنكر لحقوقهم القومية.



من الذي يحكم إسرائيل اليوم؟


قد يكون "جحا" في الواجهة، لكنه ليس الحاكم الحقيقي. فنتنياهو هو من يحرك قطع الشطرنج، مستخدمًا شخصيات متطرفة لتنفيذ أجندته. ومع ذلك، فإن اللعب بالنار قد يؤدي إلى نتائج غير متوقعة، وإذا فقد السيطرة على "جحاواته"، فقد ينقلب المشهد ضده او على مؤسسات الدولة بشكل عام، وعندها يكون المواطن العربي في موقع حساس وخطير فهو الحلقة الأضعف في كل هذا المشهد , الأضعف سياسيا واقتصاديا واجتماعيا.


لكن الأهم من ذلك، أن الجمهور الإسرائيلي نفسه هو من يسمح باستمرار هذا الوضع. فطالما استمرت سياسة التخويف، وضعف المعارضة، والتأثير الإعلامي الكبير، سيبقى "جحا" في الحكم، حتى لو كان الجميع يدرك أن المدينة تسير نحو الفوضى.


في النهاية، السؤال الذي يجب طرحه هو: إلى متى سيظل الجمهور الإسرائيلي يسير خلف "جحا"؟ ومتى يدرك أن اللعبة يجب أن تنتهي؟ 


يتم الاستخدام المواد وفقًا للمادة 27 أ من قانون حقوق التأليف والنشر 2007، وإن كنت تعتقد أنه تم انتهاك حقك، بصفتك مالكًا لهذه الحقوق في المواد التي تظهر على الموقع، فيمكنك التواصل معنا عبر البريد الإلكتروني على العنوان التالي: info@ashams.com والطلب بالتوقف عن استخدام المواد، مع ذكر اسمك الكامل ورقم هاتفك وإرفاق تصوير للشاشة ورابط للصفحة ذات الصلة على موقع الشمس. وشكرًا!

phone Icon

احصل على تطبيق اذاعة الشمس وكن على
إطلاع دائم بالأخبار أولاً بأول