ما كان يومًا خيالًا علميًا أصبح الآن واقعًا صادمًا: وكلاء الذكاء الاصطناعي قد وصلوا، لا ليديروا أعمالنا فقط – بل ليسيطروا على مجريات حياتنا نفسها. لم نعد أمام دردشات آلية ساذجة، بل أمام أنظمة مستقلة، تفكر، تخطط، تتصرف وتنفذ مهام معقدة – وأحيانًا تتفوق علينا نحن البشر.
قوى عاملة مبادرة مستقلة!
الدليل؟ سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة OpenAI، اجتمع مع كبار المسؤولين الحكوميين خلال حفل تنصيب ترامب ليكشف لهم عن "وكلاء الذكاء الاصطناعي الخارقين" وبحسب بيانات اعلامية، فقد أدركت واشنطن أن عام 2025 هو عام الطفرة الأكبر.
ولكن، ماذا يفعل وكيل الذكاء الاصطناعي بالضبط؟ بخلاف مولدات النصوص التقليدية التي تنتظر أوامرنا، يعمل الوكيل لتحقيق هدف واضح: يبادر، يبحث، ينفذ، ويدير العمليات – من إعداد تقرير مالي بسيط إلى تخطيط إجازة معقدة في الخارج. بعبارة أخرى: بينما كانت أجيال الذكاء الاصطناعي السابقة مجرد أدوات، أصبح الوكلاء الجدد قوى عاملة مستقلة.
shutterstock
الجميع يريد قطعة من الكعكة..
وليس عمالقة التكنولوجيا وحدهم في الساحة. منذ إعلان الخبر، بدأ كل شركة ناشئة، وكل مطور مستقل، وحتى الهواة، في محاولة بناء وكيل الذكاء الاصطناعي المثالي. الجميع يريد اقتطاع جزء من كعكة الجيل القادم.
شركة OpenAI كشفت مثلًا عن وكيل يقوم بطلب الطعام وشراء التذاكر والتسوق عبر الإنترنت. وجوجل بدورها أطلقت مشروعًا يحاول السيطرة على أجهزتنا، فيما عرضت Anthropic أدوات تحرّك الفأرة وتضغط على الأزرار.
صحيح أن هذه مجرد البداية، لكن الثورة تتسرب إلى كل مجال: مايكروسوفت، سيلسفورس، SAP وأوراكل تطلق منصات لإنشاء وكلاء مخصصين، اما الرئيس التنفيذي لسيلسفورس فقد توقع إطلاق مليار وكيل ذكاء اصطناعي بحلول نهاية 2025.
تحذيرات.. وسيناريوهات كارثية
ولكن، ليس الجميع متحمسون..النقاد يحذرون: الأمر قد يكون مجرد فقاعة إعلامية، حيث فشل العديد من الوكلاء في الأداء، وارتكبوا أخطاءً، ولا يزال العملاء متشككين. أما في مجال الأمن السيبراني، فالوضع أكثر خطورة: وكلاء ذكاء اصطناعي يستخدمون لهجمات إلكترونية لا تتعب، ولا تنسى، ولا ترحم.
وخلف الأفق، يكمن الخطر الحقيقي: وكلاء ذكاء اصطناعي معتمدون على الذكاء العام الاصطناعي (AGI) قد يبدؤون في اتخاذ قرارات بدون فهم البشر لها أو قدرتهم على إيقافها، لدرجة أن أحد الباحثين حذر من "سيناريوهات كارثية تلوح في الأفق."
المستقبل غير واضح. كما فاجأنا ChatGPT، فإن كل شيء لا يزال مفتوحًا. في هذه الأثناء، يبني سام ألتمان معايير جديدة للتحقق من الهوية البشرية مقابل الوكلاء الرقميين، على أمل التمييز بين الذكاء واللحم والدم.
في الختام..
وفي خضم كل ذلك، بينما تستعد الاقتصاديات العالمية لثورة قد تقضي على طبقات إضافية من القوى العاملة البشرية لصالح الذكاء الاصطناعي – يبقى سؤال واحد فقط: هل ستتمكن البشرية من تسخير هذه القوة للنمو؟ أم أننا سنجد أنفسنا، مرة أخرى، نقاتل في الشوارع ضد العالم الذي صنعناه بأيدينا؟