يعد الشعور بالذنب إحساسًا يواجهه الكثير من الناس، ويصعب تجاوزه بسهولة، إذ لا يرتبط فقط بالنسيان أو "التخلي عن الماضي"، بل هو عملية معقدة تعكس جروحًا أخلاقية عميقة.
دراسة حديثة من جامعة فليندرز الأسترالية تسلط الضوء على كيفية تأثير الذنب على العقل البشري، وتعرض كيفية تعامل الأفراد مع هذه المشاعر، خاصة في الحالات التي يصعب فيها مسامحة النفس.
سنستعرض في هذا التقرير تفاصيل الدراسة ونتائجها التي تُظهر كيف أن التسامح مع الذات هو رحلة مستمرة قد تحتاج إلى وقت طويل لتجاوز مشاعر الذنب العميقة.
الذنب لا يختفي من الذاكرة بسهولة
الدراسة أكدت أن الأشخاص الذين يجدون صعوبة في مسامحة أنفسهم يشعرون وكأن الحدث المؤلم لا يزال حياً في ذاكرتهم، ويستعيدون تفاصيله وكأنها حدثت للتو.
هذا الشعور يعكس عمق الجرح النفسي الذي يجعل التخلص من الذنب أمرًا معقدًا.
وبحسب الدكتورة ليديا ووديات، الباحثة الرئيسية في الدراسة، "التسامح مع النفس لا يعني تجاوز الحدث أو نسيانه تمامًا".
بل هو عملية مستمرة تتطلب تفهمًا من الذات، وأحيانًا مساعدة خارجية، حتى يتمكن الشخص من تخفيف تأثير الذنب في حياته.
المشاعر تصبح أقل حدّة بمرور الوقت
على الرغم من أن الأشخاص الذين سامحوا أنفسهم ما زالوا يتذكرون الحدث المؤلم، فإن مشاعر الذنب والعار تصبح أقل حدة بمرور الوقت.
هؤلاء الأشخاص يُعيدون توجيه تركيزهم نحو المستقبل ويتقبلون محدودية قدراتهم في تلك اللحظة، مما يساعدهم على استعادة التوازن النفسي.
ومن اللافت أن الشعور بالذنب لا يرتبط فقط بمن ارتكبوا خطأً مباشرة، بل يشمل أيضًا أولئك الذين مروا بتجربة خذلان أو تعرضوا لأذى لم يكن لهم يد فيه.
تشير الدراسة إلى أن الإدانة الذاتية قد تنشأ من الشعور بتحمل المسؤولية في مواقف لم تكن تحت سيطرتنا بالكامل، مما يجعل عملية التسامح مع النفس أكثر تعقيدًا.
العواطف كدليل على جرح نفسي عميق
الدراسة تؤكد أن مشاعر الذنب، والعار، واللوم الذاتي ليست مجرد مشاعر سلبية، بل هي أيضًا مؤشرات على وجود جرح نفسي عميق.
هذه المشاعر تنبّه الدماغ إلى الحاجة لمعالجة "الضرر الأخلاقي"، وهو ما يهدد احتياجات أساسية مثل الشعور بالتحكم، والانتماء، والعيش وفقًا للقيم الشخصية.
طالع أيضًا