لطالما تساءل الباحثون عن العلاقة بين الضغوط النفسية التي تتعرض لها الأم خلال الحمل وصحة طفلها بعد الولادة.
وقد جاءت دراسة حديثة لتسلط الضوء على هذا الرابط، مؤكدة أن ارتفاع مستويات التوتر أثناء الحمل قد يترك آثارًا طويلة الأمد على بشرة المولود ويزيد احتمالية إصابته بمرض الإكزيما الطفولية، وهو أحد أكثر الأمراض الجلدية شيوعًا بين الأطفال.
ووفقًا لتقرير نشره موقع Medical Xpress، فإن هذه النتائج تفتح الباب أمام اعتماد استراتيجيات وقائية جديدة، ليس فقط لعلاج الإكزيما بعد ظهورها، وإنما بالتركيز على مرحلة الحمل كعامل أساسي للوقاية.
كيف تمت الدراسة؟
قام فريق الباحثين في جامعة أمريكية بإخضاع إناث فئران حوامل لظروف ضاغطة، مثل الحبس في أماكن ضيقة مع إضاءة قوية.
وأظهرت النتائج ارتفاع مستويات هرمون الكورتيزول – وهو الهرمون المسؤول عن استجابة الجسم للتوتر – في أجسام الأمهات والسائل المحيط بالأجنة.
بعد الولادة، ظهرت على صغار الفئران المجهدة علامات التهابات جلدية تشبه الإكزيما، في حين لم يُظهر صغار الفئران غير المجهدة أي أعراض مشابهة.
دور الخلايا المناعية والعصبية
أبرز ما كشفته الدراسة أن الخلايا البدينة في جلد الجنين تصبح أكثر استعدادًا لإفراز الهيستامين عند تعرض الأم للتوتر أثناء الحمل، وهو المركب المسؤول عن الحكة والتورم.
كما لوحظ نشاط زائد في بعض الجينات المرتبطة بالخلايا العصبية الحسية المسؤولة عن الشعور بالألم والتهيج، ما يجعل بشرة المولود أكثر حساسية وعرضة للالتهاب عند مواجهة مؤثرات بسيطة.
الإكزيما وأعراضها عند الأطفال
تُعد الإكزيما من الأمراض الجلدية الشائعة، وتتميز بظهور:
بقع جافة على الجلد.
حكة شديدة.
التهابات متكررة عند التعرض لمؤثرات بيئية أو غذائية.
وغالبًا ما تنشط الإكزيما في مراحل عمرية معينة، مسببة إزعاجًا كبيرًا للأطفال وأسرهم.
دلالات الدراسة للبشر
ورغم أن النتائج جاءت من تجارب على الفئران، إلا أن الباحثين يؤكدون أنها توفر تصورًا مهمًا عن احتمالية وجود آلية مشابهة لدى البشر.
فإذا ثبتت الصلة بشكل قاطع، فإن تقليل الضغوط النفسية للأم خلال الحمل قد يصبح وسيلة فعالة للوقاية من الإكزيما وأمراض تحسسية أخرى لدى الأطفال.
خطوات وقائية مقترحة
الاهتمام بصحة الأم النفسية والجسدية خلال الحمل.
توفير بيئة آمنة تقلل من التوتر المزمن.
التركيز على توازن الهرمونات لحماية الجنين.
تعزيز جهاز المناعة عبر التغذية السليمة والرعاية الطبية المستمرة.
تؤكد الدراسة أن مرحلة الحمل ليست مجرد فترة لتطور الجنين جسديًا، بل بيئة حساسة تؤثر في جهازه المناعي وصحته المستقبلية.
ولذا فإن دعم الأمهات نفسيًا وتقليل ضغوط الحمل قد يشكلان خط الدفاع الأول ضد الإكزيما والأمراض التحسسية، ما يفتح المجال أمام أجيال أكثر صحة وجودة حياة أفضل.
طالع أيضًا
هل يمكن الحمل بأمان مع متلازمة تكيس المبايض؟ تعرفي على الحقيقة