وصف المحاضر في القانون البروفيسور رائف زريق، فوز زهران ممداني برئاسة بلدية نيويورك بأنه "صيد هائل من الفرح وزلزال سياسي" يعيد الاعتبار للسياسة والمواطنة والمساواة.
وقال زريق في مداخلة ضمن برنامج "أول خبر"، إن هذا الفوز يمثل "إنجازًا تاريخيًا" بغض النظر عن مدى قدرة ممداني على إحداث تغيير فعلي في المدينة، موضحًا أن "ما حصل بحد ذاته زلزال لأنه نجح في عاصمة الرأسمالية العالمية، ونجح في مخاطبة شرائح واسعة من الناس بلغة المساواة والعدالة".
وأشار إلى أن "السياسة في السنوات الأخيرة كانت تعاني من سوء السمعة، لكن فوز ممداني أعاد لها معناها النبيل بوصفها ساحة يشارك فيها الجمهور لتقرير مصيرهم"، مضيفًا أن هذا الانتصار "أعاد التألق لفكرة الديمقراطية ولفكرة أن التصويت يمكن أن يحدث زلزالًا سياسيًا حقيقيًا".
وشرح زريق أن ممداني يمثل "نقطة التقاء بين حرارة العالم الثالث الذي يناضل ضد الكولونيالية والتوسع الإمبريالي، وبين المنطق الديمقراطي الليبرالي الغربي"، مشيرًا إلى أن خطابه يجمع بين إرث مارتن لوثر كينغ ومالكوم إكس وجواهر لال نهرو، "في مزيج فريد يزاوج بين المساواة والكرامة الإنسانية".
واعتبر أن ما فعله ممداني أمام دونالد ترامب "مشهد رمزي يعيد تعريف القوة"، قائلاً: "شاب من أصول هندية، ولد في أوغندا، أصبح أمريكيًا قبل ست سنوات فقط، يخاطب ترامب قائلاً: ارفع الصوت. هذا مشهد يدخل التاريخ، حتى لو لم ينجز شيئًا آخر".
وأضاف زريق أن فوز ممداني في مدينة ليبرالية مثل نيويورك لا يمثل بالضرورة نموذجًا لبقية الولايات المتحدة، لكنه "درس مهم للحزب الديمقراطي الذي خسر جمهوره حين حاول مجاراة اليمين في لغته وأجندته"، موضحًا أن ممداني "لم ينافس اليمين على ملعبه، بل راهن على خطاب المساواة، وأثبت أن المثابرة على هذا الخطاب يمكن أن تنجح".
ورأى أن التجربة تحمل "دروسًا مهمة يمكن الاستفادة منها محليًا"، خاصة في ظل النقاشات حول لجنة المتابعة العليا، مضيفًا: "الخطاب المساواتي إذا أُحسن استخدامه ولم يكن خطاب استجداء، يمكن أن يصبح قوة منظمة وراديكالية تغيّر الواقع".
وختم البروفيسور زريق قائلاً إن تجربة ممداني "تؤكد أن السياسة ما زالت مساحة مفتوحة للأمل"، موضحًا أن "نجاحه لم يكن بالمال السياسي، بل بالحب والثقة. جمع تبرعاته من الناس العاديين بخمسين أو مئة دولار، واعتمد على ثقة نصف مليون شخص دعموا مشروعه المبدئي".