شهد قطاع غزة، اليوم الأربعاء، سلسلة خروق جديدة لاتفاق وقف إطلاق النار من جانب الجيش الإسرائيلي، الذي واصل شن غارات جوية وقصفاً مدفعياً وعمليات نسف لمنازل ومبانٍ سكنية في مناطق متفرقة من القطاع، وذلك في اليوم السادس والعشرين من بدء سريان اتفاق التهدئة.
وتزامنت هذه التطورات مع تحركات ميدانية وإنسانية مرتبطة بانتشال جثث الرهائن وجثامين الضحايا، في ظل أزمة إنسانية تتفاقم يوماً بعد آخر.
توسيع عمليات الجيش في رفح
ميدانياً، وسع الجيش الإسرائيلي نطاق عملياته جنوب القطاع، حيث نفذ عمليات نسف لمبانٍ في مناطق خاضعة لسيطرته في رفح وخان يونس، إلى جانب قصف مدفعي طال شرق مخيم البريج ومخيم جباليا وشرق دير البلح وسط القطاع.
كما شنت الطائرات الحربية غارات على أحياء سكنية شرق مدينة غزة وشرق خان يونس، ما أدى إلى دمار واسع في منازل المواطنين والبنية التحتية.
وفي صباح الأربعاء، استهدفت الطائرات الحربية الإسرائيلية حيي الشجاعية والتفاح شرقي مدينة غزة بسلسلة غارات عنيفة، بالتزامن مع قصف مدفعي مكثف طال بلدة بني سهيلا شرق خان يونس.
ولم تعلن الجهات الصحية الفلسطينية بعد عن عدد الضحايا، في ظل صعوبة الوصول إلى المواقع المستهدفة بسبب الركام واستمرار المخاطر الأمنية.
استمرار البحث عن جثث الرهائن
على صعيد آخر، تواصلت لليوم الرابع على التوالي عمليات البحث عن جثث رهائن إسرائيليين في حي الشجاعية، بإشراف اللجنة الدولية للصليب الأحمر وبمشاركة فرق ميدانية من كتائب القسام وعناصر من اللجنة المصرية.
وتتم هذه العملية في ظروف إنسانية وميدانية صعبة، نظراً إلى حجم الدمار الذي لحق بالحي خلال جولات القتال السابقة.
وفي إطار هذه الجهود، دخلت صباح الأربعاء آليات هندسية مصرية ترافقها فرق الصليب الأحمر إلى الحي لرفع الركام وفتح الطرق المؤدية إلى المواقع المستهدفة.
وتأتي هذه العمليات في إطار ترتيبات ميدانية متفق عليها بين كتائب القسام وإسرائيل، تشمل عمليات تبادل جثامين تحت إشراف مباشر من الصليب الأحمر وضمانات مصرية.
تسليم 15 جثمان للجيش الإسرائيلي عبر تنسيق ميداني
في السياق ذاته، أعلن الدفاع المدني الفلسطيني تسلم 15 جثماناً لضحايا سلمهم الجيش الإسرائيلي عبر تنسيق ميداني، حيث نُقلت الجثامين إلى مستشفى ناصر في خان يونس تمهيداً لتوثيق هوياتهم واستكمال إجراءات الدفن.
وتستمر الجهات المختصة في القطاع في محاولة التعرف على الجثامين رغم التحديات المتمثلة في فقدان الوثائق والتشويه الناجم عن القصف.
وفي جانب آخر، حذرت منصة الحارس الأمنية التابعة للفصائل الفلسطينية من نشر صور أو معلومات عن ضحايا الفصائل أو تفاصيل تتعلق بمهامهم العسكرية، مؤكدة أن هذا السلوك يمثل خطراً أمنياً مباشراً على عائلات الضحايا والمقاتلين الذين ما زالوا في الميدان.
وأشار البيان إلى أن الجيش الإسرائيلي يستخدم مثل هذه المواد لتعزيز قدراته في مجال الاستخبارات والذكاء الاصطناعي وتحديد أنماط التحرك والاستهداف.
ولمتابعة كل ما يخص "عرب 48" يُمكنك متابعة قناتنا الإخبارية على تلجرام
غوتيريش قلق من استمرار القيود الإسرائيلية
من جانبه، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن قلقه من استمرار القيود الإسرائيلية المفروضة على دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، مؤكداً أن الأمم المتحدة هي الجهة الوحيدة المخولة بالإشراف على نشر قوة الاستقرار داخل القطاع، ومشدداً على ضرورة تسهيل وصول الإمدادات الغذائية والطبية إلى المدنيين.
كما أعلنت القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم) أن نحو 40 دولة ومنظمة دولية انضمت إلى مركز التنسيق المدني العسكري الذي أنشأته واشنطن في جنوب إسرائيل، بهدف مراقبة تنفيذ الاتفاق وضمان تدفق المساعدات واستقرار الأوضاع.
بلدية غزة تحذر من أزمة المياه كارثية في غزة
في ظل هذه التطورات، تواصل الأزمة الإنسانية التدهور في القطاع، حيث حذرت بلدية غزة من أن أزمة المياه وصلت إلى مستوى كارثي، بعد خروج 71 بئراً من أصل 88 عن الخدمة، إضافة إلى توقف محطة التحلية المركزية بالكامل نتيجة القصف ونقص الوقود.
وأوضحت البلدية أن ما يصل إلى السكان لا يتجاوز 15% من احتياجاتهم اليومية، في حين تعتمد بعض المناطق على خط مياه إسرائيلي غير مستقر ومحدود الكمية.
وأشارت البلدية إلى تراكم أكثر من 260 ألف طن من النفايات في شوارع القطاع، ما يهدد بانتشار الأمراض، خصوصاً مع اقتراب فصل الشتاء.
خطة فينيق غزة لإعادة الإعمار
وفي ظل قلة الموارد، أطلقت البلدية خطة "فينيق غزة" لإعادة الإعمار، التي تقوم على ثلاث مراحل: الطوارئ، التعافي المبكر، ثم الإعمار الشامل.
وفي مواجهة خطر تفشي الأوبئة، أعلنت وكالة الأونروا ووزارة الصحة في غزة بدء حملة تطعيم واسعة الأحد المقبل تستهدف الأطفال دون سن الثالثة، في محاولة لتعويض الانقطاع الطويل عن تلقي اللقاحات الأساسية خلال الحرب، وإنعاش المناعة المجتمعية.
وأكدت الأونروا أن التحصين يمثل "خط الدفاع الأول" ضد انتشار الأمراض.
يأتي هذا المشهد في ظل حالة من الترقب السياسي والميداني، حيث تستمر خروق التهدئة من جانب الجيش الإسرائيلي، فيما تبذل الأطراف الدولية جهوداً للحفاظ على الحد الأدنى من الاستقرار الإنساني والأمني.
وبينما تتواصل عمليات البحث عن جثامين الرهائن وإعادة الجثث، يبقى الواقع اليومي في غزة محكوماً بمعادلة صعبة تجمع بين التهديد العسكري، والانهيار الإنساني، ومحاولات مستمرة لإبقاء الأمل قائماً وسط الركام.
اقرأ أيضا
كاتس: العمليات في غزة مستمرة دون قيود لتحقيق الأهداف الأمنية