عقدت محكمة الصلح في مدينة الناصرة، اليوم الأحد، جلسة جديدة ضمن مسار محاكمة الشيخ كمال خطيب، نائب رئيس الحركة الإسلامية الشمالية المحظورة إسرائيليا، والمتهم بتهمتَي التحريض على العنف والتحريض على الإرهاب.
وشهدت الجلسة حضورًا لافتًا لعشرات المتضامنين من أقارب الشيخ خطيب وشخصيات سياسية واجتماعية وناشطين، رغم القيود الصارمة التي فرضها أمن المحكمة على عدد الحضور، ما حال دون دخول غالبية الداعمين إلى قاعة الجلسات.
جلسة لسماع شهادة أحد سكان بلدة كفر كنا
وخُصّصت جلسة اليوم لسماع شهادة أحد سكان بلدة كفر كنا، وهو جار الشيخ خطيب ومن المصلّين الذين يتابعون خطبه في المسجد المحلي.
وقدّم الشاهد رواية تفصيلية حول معرفته بالشيخ ومسيرته الدعوية، قبل أن يستعرض حادثة إنقاذه لمواطن يهودي خلال مظاهرة اندلعت في البلدة أثناء "هبة الكرامة" في أيار/ مايو 2021، حيث تعرّض المواطن اليهودي للخطر بعدما علق وسط الاحتجاجات، ليبادر الشاهد إلى إخراجه بسلام.
ولمتابعة كل ما يخص "عرب 48" يُمكنك متابعة قناتنا الإخبارية على تلجرام
وأشار الشاهد إلى أن الحادثة لاقت تغطية واسعة في الإعلام الإسرائيلي، وأنه شارك لاحقًا مع المواطن اليهودي ذاته في مقابلة مباشرة عبر إذاعة إسرائيلية للحديث عن الواقعة.
وأكد خلال شهادته أنه لم يشاهد أو يسمع أي دور للشيخ خطيب في الأحداث التي شهدتها كفر كنا خلال تلك الفترة، مشددًا على أن الاتهامات الموجّهة له لا تستند إلى وقائع حقيقية على الأرض.
شهادة حول مواقف الشيخ المناهضة للعنف
كما قدم الشاهد شهادة إضافية حول مواقف الشيخ المناهضة للعنف، مستذكرًا إدانته العلنية لهجمات 11 أيلول/ سبتمبر وغيرها من الأحداث العالمية، ما يعكس على حد قوله نهجه الديني والسياسي المتوازن.
وتحدّث الشاهد أيضًا عن الهجمة التي تعرّض لها هو نفسه من قبل أطراف في العالم العربي بعد إنقاذه للمواطن اليهودي، معربًا عن خشيته من تبعات تلك الهجمة على حياته وعلاقاته داخل البلدة.
لكنه شدّد على أن الشيخ خطيب وقف إلى جانبه، وامتدحه في خطبة شهيرة أمام المصلّين، الأمر الذي انعكس إيجابًا على تعامل المجتمع المحلي معه، ومنحه دعمًا واسعًا.
وخلال الجلسة، عرض طاقم الدفاع مقطعًا موثقًا من خطبة للشيخ كمال خطيب، يثني فيها على موقف الشاهد، ويؤكد أنه لو كان في ظرف مماثل لاتخذ الخطوة ذاتها لإنقاذ المواطن اليهودي.
اعتراض على الترجمة العبرية المرفقة للمقطع..غير دقيقة
في المقابل، اعترضت ممثلة النيابة العامة على الترجمة العبرية المرفقة للمقطع، معتبرة أنها "غير دقيقة" ولا تعكس النص الأصلي بدقة.
وتأتي هذه الجلسة في سياق محاكمة امتدت لأربع سنوات، شهدت خلالها القضية تطورات متسارعة واعتراضات قانونية واسعة.
ففي 19 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، رفضت محكمة الصلح طلب طاقم الدفاع إلغاء لائحة الاتهام، رغم ما وصفه الدفاع بـ"الخروقات القانونية الجوهرية" التي شابت سير المحاكمة، أبرزها صدور قرار قضائي عن قاضية بعد تقاعدها، في ما اعتبره مركز عدالة الحقوقي تجاوزًا واضحًا للصلاحيات القانونية.
وكانت محكمة الصلح قد أدانت الشيخ خطيب، في 30 حزيران/ يونيو 2025، بتهمتَي "التحريض على العنف" و"التحريض على الإرهاب"، فيما برّأته من تهمة التماهي مع منظمة إرهابية.
لائحة الاتهام تعتمد على منشورين في فيسبوك
واعتمدت لائحة الاتهام على منشورين في "فيسبوك" وخطبة ألقاها عام 2021 ضمن نشاط للجنة المتابعة العليا خلال أحداث هبة الكرامة.
وتتمسّك النيابة بأن منشورات الشيخ وتصريحاته تندرج ضمن الدعم لجهات إرهابية، بينما يؤكد طاقم الدفاع المكوّن من مركز "عدالة" ومؤسسة "ميزان"، أن أقواله لا تخرج عن إطار الخطاب السياسي والديني المشروع، المحمي دستوريا ضمن حرية التعبير عن الرأي، خصوصًا في سياق انتقاد سياسات الحكومة تجاه الفلسطينيين والمسجد الأقصى.
وتضمنت لائحة الاتهام منشورًا كتبه الشيخ خطيب في 19 نيسان/ أبريل 2021، تطرّق فيه إلى اعتداءات الشرطة الإسرائيلية في مدينة يافا، إضافة إلى منشور آخر بتاريخ 25 نيسان/ أبريل، قدّم فيه تحليلًا سياسيًا أشار إلى تشابه الأجواء السائدة آنذاك مع الأحداث التي سبقت ثورة البراق عام 1929، محذرًا من نتائج العنف والتحريض المتصاعدين.
كما شملت الاتهامات خطبة ألقاها الشيخ خلال فعالية نظّمتها لجنة المتابعة في 11 أيار/ مايو 2021، حيّا فيها المعتكفين في المسجد الأقصى.
وخلال مراحل المحاكمة الأولى، طالبت النيابة باعتقال الشيخ حتى انتهاء الإجراءات، غير أن المحكمة المركزية ألغت القرار بعد استئناف تقدّم به طاقم الدفاع، وأُطلق سراحه في حزيران/ يونيو 2021 بشروط مقيّدة شملت منعه من الخطابة والتجمع واستخدام الإنترنت لمدة 90 يومًا، إضافة إلى الإبعاد عن بلدته لمدة 45 يومًا.
سابقة قانونية خطيرة
وفي ختام جلسة اليوم، قال المحامي حسن جبارين، مدير مركز "عدالة" وعضو طاقم الدفاع، إن هذه القضية تشكّل "سابقة قانونية خطيرة"، مشيرًا إلى أن قرار الإدانة صدر عن قاضية لا تملك صفة قضائية في ذلك الوقت.
وأكد جبارين أن الدفاع سيواصل تفنيد القرار خلال مرحلة الاستئناف المقبلة، "منذ لحظة صدور الحكم غير القانوني وحتى مضمون الملف نفسه".
الأقصى حق خالص للمسلمين
من جهته، أكد الشيخ كمال خطيب تمسّكه بموقفه المعلن منذ عام 2021، والمتعلق برفضه القاطع لاقتحامات المسجد الأقصى والاعتداءات التي صاحبتها.
وأضاف أن السنوات الأربع الماضية عززت قناعته بعدالة موقفه، وأن محاولات الضغط عليه لن تثنيه عن الدفاع عن الأقصى والحقوق الفلسطينية، قائلاً: "هذه القضية ليست موقفًا شخصيًا، بل قناعة راسخة بأن الأقصى حق خالص للمسلمين، وأن لا أحد يملك حقًا في ذرة تراب منه".
اقرأ أيضا
منصور عباس: الموحدة ستنفصل عن مجلس الشورى التابع للحركة الإسلامية