أكد البروفيسور والمؤرخ مصطفى عباسي أن الذكرى الـ 250 لوفاة ظاهر العمر في عرابة تمثل مناسبة تاريخية مهمة لتسليط الضوء على أحد أبرز حكام الجليل في العهد العثماني، والذي قاد نهضة عمرانية لم تشهد لها المنطقة مثيلاً.
وأضاف في مداخلة هاتفية لبرنامج "يوم جديد" على إذاعة الشمس، أن ظاهر العمر كان رجل دولة مميز، حيث عمل على تطوير المدن والقرى وإقامة التحصينات والقلاع، واهتم بالتعايش بين جميع المجموعات والطوائف في الجليل، مقدمًا نموذجًا للتسامح والعدالة والمساواة في القرن الثامن عشر.
وأوضح أن هذه الذكرى تأتي في وقت يزداد فيه التحدي للحفاظ على التراث التاريخي والثقافي، مشيرًا إلى أهمية ترميم المعالم التي بناها ظاهر العمر وعدم إهمالها لضمان نقل هذه الموروثات للأجيال القادمة.
نموذج في الحكم المستقل
وأشار عباسي إلى أن ظاهر العمر يمثل أيضًا نموذجًا في الحكم المحلي المستقل والتعاون بين القوى المحلية والدولة العثمانية، مؤكداً أن الاحتفاء به ليس مجرد استذكار للتاريخ، بل فرصة لإحياء الوعي بالهوية والتأكيد على وحدة المجتمع وتعزيز المشاركة السياسية والاجتماعية والثقافية.
وأوضح أن دوره الفريد في الإدارة والبناء والتسامح يجعل منه مثالًا عمليًا يمكن الاستفادة منه اليوم، داعيًا إلى تضمين سيرته في المناهج التعليمية والإعلام لتعريف الأجيال القادمة بتاريخ بلادهم وإلهامهم بالقيم التي جسدها ظاهر العمر.
دروس قيمة للحاضر
وأكد البروفيسور مصطفى عباسي أن استذكار تجربة ظاهر العمر لا يقتصر على الجانب التاريخي فقط، بل يحمل دروسًا قيمة للحاضر، مشيرًا إلى أن نهجه في إدارة الموارد المحلية، وتعزيز الاستقرار الاجتماعي، وإشراك جميع مكونات المجتمع في اتخاذ القرار، يمكن أن يكون نموذجًا للحكم الرشيد اليوم.
وأوضح أن إعادة الاهتمام بالمعالم التاريخية وإحياء الذكرى السنوية لهذه الشخصيات يساهم في تعزيز الانتماء والهوية الوطنية، ويشكل مصدر إلهام للشباب لمواجهة التحديات الاجتماعية والسياسية الراهنة، مع الحفاظ على قيم التسامح والتعايش التي جسدها ظاهر العمر في الجليل قبل أكثر من 250 عامًا.