قال البروفيسور محمد وتد، المختص في القانون الدستوري ورئيس كلية رمات جان، إن قرار المحكمة العليا بالإجماع رفض قرار الحكومة إقالة المستشارة القضائية للحكومة يشكل نتيجة مهمة، لكنه لا يجب أن يُفهم باعتباره حلاً كافيًا أو نهائيًا، محذرًا من الاكتفاء بالمسار القضائي دون تفعيل أدوات ضغط برلمانية وجماهيرية موازية.
وأضاف في مداخلة هاتفية لبرنامج "يوم جديد"، على إذاعة الشمس، أن المحكمة تشكل ملاذًا مهمًا، خصوصًا للأقليات والجماعات المستضعفة، ومن بينها الأقلية العربية، إلا أن صلاحياتها تبقى مقيدة إلى حد كبير، في ظل مساحة واسعة تمنح إلى السلطة التنفيذية لاتخاذ قرارات سياسية واقتصادية، سواء كانت لأسباب موضوعية أو غير موضوعية.
وتابع: "المحكمة تمر بفترة عصيبة وتواجه هجمات شرسة من قبل الحكومة، ما يجعلها حذرة في قراراتها، وتميل إلى عدم الدخول في مواجهة مباشرة مع السلطة التنفيذية، والقضاء لا يستطيع وحده توفير الأكسجين اللازم للمجتمع، لا سيما في القضايا الاقتصادية التي تمس المجتمع العربي بشكل مباشر".
وفي حديثه عن القرار الأخير، قال وتد إن إجماع القضاة السبعة، بمن فيهم قضاة محافظين عينوا من قبل حكومات يمينية، يعكس أن الخلل في قرار الحكومة كان إجرائيًا وإداريًا بالأساس، وليس خلافًا أيديولوجيًا أو سياسيًا.
وأضاف أن رئيس المحكمة كتب القرار ووافق عليه جميع القضاة، بل واستند فيه أيضًا إلى اقتباسات من قضاة محافظين، ما يؤكد وحدة الموقف القضائي.
وأكد "وتد" أن المحكمة لم ترفض جوهر فكرة تغيير المنظومة، لكنها شددت على أن ذلك لا يمكن أن يتم بين ليلة وضحاها، ومن دون دراسة معمقة، ومداولات رسمية، وفحص للبدائل والآثار، موضحًا أن الحكومة السابقة هي التي أقرت الآلية الحالية لتعيين المستشارة القضائية، ولا يمكن للحكومة الحالية تغييرها دون مسار إجرائي سليم.
وحذر من أن الهجوم الحكومي المتواصل لا يستهدف قضاة بعينهم، بل مؤسسة القضاء ككل، بهدف تقليص قدرتها على الرقابة والتدخل، لافتًا إلى أن الحكومة تسعى إلى احتكار القرار في مجالات الجيش، والشرطة، والاقتصاد، والتعليم، والقضاء، دون وجود أي كوابح مؤسسية.
وختم "وتد" بالقول إن قرار المحكمة العليا يشكل خطوة مهمة ومباركة، لكنه لا يضمن حماية دائمة لدور المستشارة القضائية، في ظل استمرار محاولات الحكومة تقليص صلاحياتها والالتفاف على دورها الرقابي.