قال المحلل السياسي والمدير الاستراتيجي لمركز جفعات حبيبه، محمد دراوشة، إن الحكومة الإسرائيلية الحالية فشلت في معالجة العلاقات بين المجتمعين العربي واليهودي، وتسببت في تعميق التقطب بينهما، معتبرا أن هذا المسار لم يكن عرضيا بل سياسة واضحة تبنتها أطراف مركزية داخل الائتلاف الحاكم.
وأضاف في مداخلة هاتفية لبرنامج "يوم جديد"، على إذاعة الشمس، أن "قوى بارزة في الحكومة، وعلى رأسها الليكود وسموتريتش وبن غفير، تتحدث بشكل علني عن ضرورة توسيع التقطب والتحريض"، مشيرا إلى أن هذا الخطاب لم يقتصر على اليمين فقط، بل امتد أيضا إلى قادة في المعارضة الذين يلغون شرعية المشاركة السياسية للمجتمع العربي.
وتابع: "رؤساء أحزاب المعارضة، يصرحون بوضوح بأنهم لن يشركوا الأحزاب العربية في أي ائتلاف حكومي مستقبلي، ما يعني أن ما يسمى المعسكر الليبرالي لا يقدم طرحا بديلا حقيقيا، باستثناء أصوات محدودة".
تأثير مؤسسات المجتمع المدني محدود
وانتقد دراوشة أداء مؤسسات المجتمع المدني، معتبرا أن تأثيرها محدود للغاية، إذ لا تتجاوز البرامج المشتركة بين طلاب يهود وعرب نصف بالمئة من مجمل الطلاب في إسرائيل، مؤكدا أن هذه المبادرات لا يمكن أن تقود إلى تغيير اجتماعي واسع دون تدخل مؤسسي من وزارة التربية والتعليم.
وأشار إلى أن الدولة تخصص اليوم ميزانيات ضئيلة جدا لهذه البرامج، لا تتجاوز مليوني شيكل، مقارنة بـ64 مليون شيكل في فترات سابقة، ما يعكس غياب الإرادة الرسمية لمحاربة العنصرية وبناء شراكة حقيقية.
28 قانون عنصري
وأكد دراوشة أن ما يسمى "نظرية التواصل الاجتماعي" القائمة على اللقاءات الرمزية والأنشطة المشتركة لا تعالج جذور المشكلة، مشددا على أن الحوار الحقيقي يجب أن يتناول القضايا الخلافية الجوهرية مثل المساواة السياسية والقوانين العنصرية والقضية الفلسطينية.
وتابع: "هناك أكثر من 28 قانونا عنصريا في إسرائيل، والخطاب السائد في المركز والوسط يقتصر على تعديل هذه القوانين وليس إلغاءها، ما يدل على غياب قناعة حقيقية بمفهوم الدولة المدنية، بينما نظرية المصالح المشتركة ما زالت تشكل مساحة ممكنة للعمل، حيث يبدي اليهود والعرب استعدادا واسعا للتعاون في مجالات العمل والتعليم والصحة".
وختم بالقول إن بناء شراكات قائمة على المصالح المشتركة قد لا يحقق توافقا أيديولوجيا، لكنه يشكل أداة واقعية لمواجهة السياسات العنصرية والتخفيف من حدة التقطب المتصاعد في المجتمع الإسرائيلي.