هدمت آليات السلطات الإسرائيلية، صباح اليوم الأربعاء، مساكن وخيام أهالي قرية العراقيب مسلوبة الاعتراف في منطقة النقب جنوب البلاد، للمرة الـ244 منذ عام 2010، تاركة عشرات العائلات بلا مأوى في ظل أجواء شتوية قاسية وبرد شديد، وذلك بحماية مشددة من الشرطة والوحدات التابعة لها.
ويأتي هذا الهدم في سياق سياسة متواصلة تستهدف اقتلاع سكان القرية وتهجيرهم قسرًا من أراضيهم التاريخية.
للمرة العاشرة السلطات الإسرائيلية تهدم العراقيب
وتُعد هذه المرة العاشرة التي تنفذ فيها السلطات الإسرائيلية عمليات هدم في العراقيب منذ مطلع عام 2025، بعد أن شهدت القرية 11 عملية هدم خلال عام 2024، ومثلها في 2023، إضافة إلى 15 مرة في 2022 و14 مرة في 2021، في مسار تصاعدي يعكس إصرار السلطات على استنزاف الأهالي نفسيًا وماديًا ودفعهم إلى اليأس والمغادرة.
وكانت أول عملية هدم تعرضت لها العراقيب في 27 تموز/ يوليو 2010، فيما سُجلت عملية الهدم السابقة في 28 تموز/ يوليو 2025، في مشهد بات يتكرر بصورة شبه دورية، ما حوّل القرية إلى رمز للصمود في مواجهة سياسات الهدم والاقتلاع.
ورغم القسوة، يواصل أهالي العراقيب التمسك بأرضهم، حيث يعيدون في كل مرة نصب خيامهم ومساكنهم البسيطة باستخدام الأخشاب وأغطية النايلون، لتأمين الحد الأدنى من الحماية من الحر صيفًا والبرد شتاءً.
رسالة تحد لمخططات التهجير وفرض واقع جديد على الأرض
ويؤكد السكان أن إعادة البناء المتكررة ليست مجرد فعل بقاء، بل رسالة تحدٍ لمخططات التهجير ومحاولة لفرض واقع جديد على الأرض.
ويشتكي الأهالي من ممارسات وحدة “يوآف” الشرطية التابعة لسلطة تطوير النقب، إلى جانب سلطة أراضي إسرائيل، اللتين تقودان عمليات الاقتحام والهدم في البلدات العربية بالنقب.
وبحسب شهادات السكان، تسبق عمليات الهدم جولات استفزازية لاستطلاع أوضاع القرية، قبل أن تُنفذ عمليات تدمير المساكن وتشريد الأطفال والنساء وكبار السن.
ويؤكد أهالي العراقيب أن هذه السياسات لن تثنيهم عن الصمود والبقاء على أرض الآباء والأجداد، مشددين على أن الهدم المتكرر يعزز قناعتهم بعدالة قضيتهم.
ولمتابعة كل ما يخص "عرب 48" يُمكنك متابعة قناتنا الإخبارية على تلجرام
دعوات للتحرك وإسناد العراقيب والوقوف بجانب أهلها
كما وجهوا نداءً إلى الجماهير العربية وكافة الأحرار في البلاد للتحرك وإسناد العراقيب والوقوف إلى جانب أهلها في مواجهة مخططات الاقتلاع والتهجير.
وفي إطار الضغوط، تلاحق السلطات الإسرائيلية أهالي القرية بوسائل متعددة، من بينها اعتقال الشيخ صياح الطوري وعدد من أبنائه وأحفاده، إلى جانب الناشط سليم الطوري وآخرين، بذريعة البناء دون ترخيص وادعاءات الاستيلاء على أراضي الدولة.
كما فُرضت غرامات مالية باهظة على الأهالي، وتستمر سياسات الملاحقة والتضييق والاعتقال بحقهم.
السلطات ترفض الاعتراف بحق سكان العراقيب في ملكية أراضيهم
وفي المقابل، ترفض السلطات الاعتراف بحق سكان العراقيب في ملكية أراضيهم، وتواصل الضغط عليهم للهجرة القسرية عبر هدم المساكن، وتجريف المحاصيل الزراعية، ومنع الوصول إلى المراعي وتربية المواشي.
وسبق أن طرحت السلطات ما سمته تسوية تقضي بتخصيص نصف دونم لكل عائلة مقابل تعويض مالي قدره 2500 شيكل للدونم، وهو ما رفضه الأهالي باعتباره انتقاصًا من حقوقهم التاريخية.
22 أسرة في العراقيب
ويعيش في العراقيب اليوم 22 أسرة، يبلغ عدد أفرادها نحو 86 نسمة، يعتمدون في معيشتهم على تربية المواشي والزراعة الصحراوية.
وكان السكان قد تمكنوا في سبعينيات القرن الماضي، ووفقًا للقوانين المعمول بها آنذاك، من إثبات ملكيتهم لنحو 1250 دونمًا من أراضيهم، من أصل آلاف الدونمات التي تعود لهم تاريخيًا.
ولا تقتصر سياسات الهدم والاقتلاع على العراقيب وحدها، إذ تواجه القرى العربية مسلوبة الاعتراف في النقب مخططات مشابهة بشكل يومي.
ويُدرك الفلسطينيون في النقب أن الهدف من هذه الإجراءات، تحت غطاء القضاء وبذريعة البناء غير المرخص، هو تقويض دعاوى الملكية العربية وفرض السيطرة على الأرض والوجود العربي.
ثلث مليون فلسطيني عربي يعيشون في النقب
ويعيش نحو ثلث مليون فلسطيني عربي في النقب، يعانون من تمييز صارخ في السكن والتعليم والتوظيف والخدمات الأساسية.
وتشير معطيات رسمية إلى أن 28% من العرب في النقب يسكنون في قرى غير معترف بها، في حين لا تتجاوز نسبة القرى العربية 15% من مجمل البلدات القائمة في المنطقة.
ويعكس هذا الواقع فجوة عميقة بين المجتمعين العربي واليهودي، في ظل استمرار سياسات الهدم التي طالت مؤخرًا بلدات عربية عديدة، وسط تنديد شعبي واسع باعتبارها جزءًا من مخطط ممنهج لتضييق الخناق على المواطنين العرب.
اقرأ أيضا
مجهولون يشعلون النار في سيارة تنظيف الشوارع التابعة لبلدية عرابة البطوف