سجلت وتيرة النمو السكاني في إسرائيل تراجعًا غير مسبوق، لتبلغ أدنى مستوى لها منذ عام 1948، في مؤشر ديموغرافي لافت يعكس تحولات عميقة في بنية المجتمع واتجاهاته السكانية.
ووفق تحليل نشره، اليوم الأربعاء، مركز طاوب لأبحاث السياسة الاجتماعية في إسرائيل، بلغ معدل النمو السكاني خلال العام الحالي نحو 0.9% فقط، مقارنة بنسبة سنوية لم تقل عن 1.5% منذ عام 1950.
ارتفاع عدد الوفيات وانخفاض معدلات الولادة
وأرجع التقرير هذا التراجع إلى مجموعة من العوامل المتداخلة، أبرزها ارتفاع عدد الوفيات، واستمرار انخفاض معدلات الولادة، إلى جانب زيادة أعداد المهاجرين من إسرائيل مقارنة بعدد القادمين إليها بموجب قانون العودة، الذي يتيح هجرة اليهود وأقاربهم إلى البلاد.
وقال بروفيسور أليكس فاينرب، معد الدراسة، إن فترة الذروة في النمو الطبيعي في إسرائيل انتهت، ومن المتوقع أن يستمر التراجع في النمو خلال السنوات المقبلة.
انخفاض نحو 30% من الولادات
وبحسب معطيات الدراسة، حافظ عدد الولادات خلال العقد الأخير على استقرار نسبي عند نحو 180 ألف ولادة سنويًا، غير أن هذا الثبات يخفي تحولات داخلية كبيرة، إذ سجلت نسبة ولادات النساء العربيات، من مسلمات ومسيحيات ودروز، انخفاضًا بنحو 30% خلال السنوات الماضية.
وفي المقابل، رصد مركز طاوب مؤشرات مبكرة على تراجع معدلات الولادة بين النساء اليهوديات أيضًا.
ولمتابعة كل ما يخص "عرب 48" يُمكنك متابعة قناتنا الإخبارية على تلجرام
وتشير تقديرات الدراسة، التي اعتمدت على تحليل أنماط الولادة وفق الفئات العمرية، إلى انخفاض عدد الأطفال لدى النساء اليهوديات العلمانيات والمحافظات من 1.9–2.2 طفل خلال العقد الماضي إلى نحو 1.7 طفل حاليًا.
كما تراجعت الولادات لدى النساء اليهوديات المتدينات من 3.74 طفل إلى 2.3 طفل، في حين يُتوقع أن ينخفض متوسط عدد الأطفال لدى النساء الحريديات من 6.48 طفل إلى 4.3 طفل.
15% من الأطفال المولودين في المجتمع الحريدي يغادرونه عند بلوغهم سن الرشد
ورغم استمرار ارتفاع معدلات الولادة في المجتمعين الحريدي والمتدين، لفتت الدراسة إلى أن نحو 15% من الأطفال المولودين في المجتمع الحريدي يغادرونه عند بلوغهم سن الرشد، ما يقلل من الأثر الديموغرافي طويل الأمد لهذه الفئة.
وفي موازاة ذلك، يسهم ارتفاع وفيات كبار السن في كبح النمو السكاني، مع دخول شرائح واسعة من اليهود والعرب إلى الفئات العمرية المتقدمة، ولا سيما السبعينات والثمانينات، حيث ترتفع معدلات الوفاة بشكل ملحوظ.
النمو السكاني يعتمد على التزايد الطبيعي
ويشير التقرير إلى أن النمو السكاني في العقود السابقة اعتمد أساسًا على التزايد الطبيعي، غير أن هذا العامل لم يعد كافيًا اليوم.
وللحفاظ على معدل نمو لا يقل عن 1% سنويًا، تؤكد الدراسة ضرورة وجود ميزان هجرة إيجابي، إلا أن المعطيات الحالية تعكس حالة عدم يقين، إذ سجلت إسرائيل في عام 2025 ميزان هجرة سلبي، مع مغادرة عدد يفوق القادمين بنحو 37 ألف شخص.
كما أظهرت بيانات الأشهر التسعة الأولى من العام أن عدد المهاجرين إلى إسرائيل هو الأدنى منذ عام 2013.
غالبية المهاجرين من إسرائيل لم يولدوا فيها
وتشير المعطيات إلى أن غالبية المهاجرين من إسرائيل لم يولدوا فيها، ومن بينهم من هاجروا عقب الحرب في أوكرانيا عام 2022، بينما ارتفع عدد المولودين في إسرائيل الذين غادروها من 20 ألفًا عام 2022 إلى أكثر من 30 ألفًا في 2025.
وفي مؤشر إضافي على التحولات الديموغرافية، كشفت بيانات دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية عن تراجع متوسط الأعمار في عام 2024 لأول مرة منذ 2020، حيث انخفض متوسط أعمار الرجال والنساء من اليهود والعرب على حد سواء، في تطور لافت لا يشمل قتلى الحرب على غزة.
اقرأ أيضا
حصاد عام من النار والدم.. الجيش الإسرائيلي يكشف أرقام عملياته خلال 2025