الصحة البدينة :
أنعم الله -تعالى- على عباده بالكثير من النعم، ومن أفضلها نعمة الهداية إلى دين الإسلام، والثبات على أوامر الشريعة الإسلامية، والهداية إلى طريق الحقّ، فإنّ الله -تعالى- امتنّ على عباده بنعمة الإيمان، وممّا دلّ على ذلك قول الله تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا).
وامتنّ الله -تعالى- على عباده أيضاً بنعمة الصحة والعافية، وسلامة أجزاء الجسد وأعضائه من الأمراض والآفات، و نعمة العافية، فإنّ الصحة كنز كبير، و نعمة من الله، أمرنا بالمحافظة الله -تعالى- عليها، ودليل ذلك قول الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- فيما رواه عنه عبد الله بن عباس رضي الله عنه عندما قال: (نِعمتان مغبونٌ فيهما كثيرٌ من النَّاسِ: الصِّحَّةُ والفراغُ)، والغبن الوارد في الحديث يقصد به الخسارة، فكثيرٌ من الناس لا يستخدمون نعمة الصحة والعافية في المواضع الصحيحة لها، كما أنّهم لا يقدّرون الصحة، ولا يعطونها أيّ أهميةٍ.
ومن الجدير بالذكر أنّه يجب على العباد استخدام أعضاء جسدهم بما يُرضي الله تعالى، مثل:
بدلاً من استخدام اللسان بالغيبة والنميمة، فيجدر استخدام اللسان في تلاوة آيات القرآن الكريم، والإكثار من ذكر الله تعالى.
والحرص على غضّ البصر، بدلاً من النظر إلى المحرّمات، ويمكن استخدام النظر في التفكّر في آيات الله -تعالى- الكونية.
ويمكن استخدام الأقدام في المشي إلى الأعمال التي يحبّها الله تعالى؛ مثل المشي إلى المساجد، أو إلى عيادة المرضى، بدلاً من المشي لإيقاع الخصومات بين الناس.
اعتناء الإسلام بالصحة البدينة :
إنّ من الواجب تسخير الإنسان للنعم التي وهبها الله -تعالى- للمسلم من صحةٍ بدنيةٍ في طاعة الله -تعالى- وعبادته، كما أنّ الإسلام حثّ على الصحة والقوة البدنية، حيث إنّ الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- كان أقوى الناس بدناً، وممّا يدلّ على ذلك؛ أنّه رفع صخرةً لا يستطيع إلّا عشرةٌ من الرجال رفعها، ومرّةً صارع رُكانة الذي كان يعدّ من أقوى وأشد رجال الكفار، إلّا أنّ الرسول -عليه الصلاة والسلام- صرعه ثلاث مراتٍ، وحيث إنّ الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- استمد قوته الجسدية من قوته الإيمانية، كما حثّ الإسلام على الرياضة البدينة، ودليل ذلك قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (المؤمنُ القويُّ خيرٌ وأحبُّ إلى اللَّهِ منَ المؤمنِ الضَّعيفِ، وفي كلٍّ خيرٌ).
إن في الرياضة البدنية إعانةٌ للعبد على طاعة الله عزّ وجلّ، وعلى الجهاد وقتال الكفار؛ لظهور الحق، وإزهاق الباطل، كما أنّ الإسلام حثّ على تعلّم الرماية، وركوب الخيل، والتنافس فيهما، كما حثّ أيضاً على السباق بالأقدام، والمصارعة، حيث إنّ الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- تسابق مع أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- مرةً فسبقته فيها، وتسابقا مرةً أخرى فسبقها النبي صلّى الله عليه وسلّم.
ويجب التنويه على أنّ الرياضة كانت مشروعةً في الشرائع السابقة، ودليل ذلك قول الله -تعالى- في إخوة يوسف عليه السلام: (يا أَبانا إِنّا ذَهَبنا نَستَبِقُ وَتَرَكنا يوسُفَ عِندَ مَتاعِنا).
من أنواع الرياضة التي حثّ الإسلام عليها:
السباحة: فإنّ فيها يتحقق ترويض البدن، وتمرين أعضاء الجسم.
حمل الأثقال والقفز: هي من الرياضات المشروعة، ما لم يوصل المسلم نفسه بهذه الرياضات إلى الهلاك، فإنّ مواجهة الكفار تتطلب من المسلم أن يكون قوياً في بدنه، وأميناً في دينه، وفي العقيدة التي يتبعها، حيث إنّ تلك من صفات الأنبياء وأتباعهم، ودليل ذلك قول الله تعالى: (إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ).
فلا ننسى أن كما أنّ الله -تعالى- أمر المسلمين بإعداد القوة؛ لقتال الكفار ومواجهتهم،ومما دلّ على ذلك قول الله -تعالى- في كتابه الكريم: (وَأَعِدّوا لَهُم مَا استَطَعتُم مِن قُوَّةٍ وَمِن رِباطِ الخَيلِ تُرهِبونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُم).
وبيّن بعض المفسّرين للقرآن الكريم أنّ الآية نزلت قاصدةً المسلمين يوم غزوة بدرٍ، وذلك حينما قصدوا قتال الكفار دون أيّ عدةٍ، ودون أيّ استعدادٍ للقتال أو المواجهة، فأمرهم الله تعالى بإعداد العُدة للقاء الكفار.
الصحة في القرآن والسنة:
اشتهرت على ألسنة الناس عبارة: النظافة من الإيمان، ومن الجدير بالذكر أنّها ليست حديثاً نبوياً ورد عن الرسول صلّى الله عليه وسلّم، إلّا أنّ فيها حثاً للمسلم على مراعاة قواعد الصحة والنظافة.
ومن العبارات المتداولة بين الناس أيضاً عبارة: العقل السليم في الجسم السليم، فالله -تعالى- أنعم على الإنسان بالعقل؛ ليميّزه عن سائر مخلوقاته، ودليل ذلك قول الله تعالى في كتابه الكريم: (وَلَقَد كَرَّمنا بَني آدَمَ وَحَمَلناهُم فِي البَرِّ وَالبَحرِ وَرَزَقناهُم مِنَ الطَّيِّباتِ وَفَضَّلناهُم عَلى كَثيرٍ مِمَّن خَلَقنا تَفضيلًا).