أظهرت دراسة حديثة اكتشافات مثيرة حول الحياة العاطفية للأسماك، وهو ما يتحدى الفكرة السائدة بأن هذه الكائنات لا تمتلك القدرة على الشعور بالألم أو تكوين روابط عاطفية.
نتائج هذه الدراسة أظهرت أن بعض أنواع الأسماك قادرة على التعلم، وتجربة الألم، وحتى إقامة علاقات مع أقرانها.
الوعي الذاتي: اختبار المرآة يكشف مفاجآت جديدة
أحد أبرز الأدوات التي ساعدت في كشف هذه القدرات هو "اختبار المرآة"، الذي طُور في السبعينيات لقياس الوعي الذاتي البصري لدى الحيوانات.
وفقاً لصحيفة "الغارديان"، استطاعت سمكة تُعرف بـ"الرأس المنظفة" التعرف على نفسها في المرآة، وهو ما يُعتبر دليلاً قوياً على الوعي الذاتي، وهو خاصية كانت تُعتقد سابقاً أنها تقتصر على الحيوانات الأكثر تطوراً مثل القرود والفيلة.
في هذه التجربة، وُضعت علامات تحت حناجر الأسماك أثناء تخديرها، وعندما وُجهت مرآة أمام هذه الأسماك، بدأت في محاولة إزالة العلامات عن طريق الاحتكاك بالصخور، مما يدل على وعيها بأن العلامات تتعلق بجسدها.
التعلم والذاكرة: الأسماك أكثر ذكاءً مما نعتقد
تجاوز الاكتشاف مسألة الوعي الذاتي إلى مجالات أخرى مثل التعلم والذاكرة. أظهرت الدراسات أن بعض الأسماك تمتلك ذاكرة طويلة الأمد وقدرة على التعلم تتجاوز الاعتقاد السائد بأنها تملك "ذاكرة قصيرة".
على سبيل المثال، أظهرت دراسة على أسماك القرش أنها كائنات فضولية ذات ذاكرة متطورة.
كما توصلت دراسة حديثة إلى أن سمكة "الرأس المنظفة" تستخدم المرآة لتحديد حجمها قبل اتخاذ قرار بمهاجمة سمكة أخرى، مما يشير إلى قدرات تحليلية متقدمة.
مشاعر الألم: جدل علمي مستمر
رغم هذه الاكتشافات، يبقى موضوع شعور الأسماك بالألم موضوعاً مثيراً للجدل.
استندت الأبحاث الحديثة إلى دراسة البروفيسور لين سنيدون من جامعة جوتنبرج، التي قدمت أدلة على أن بعض الأسماك مثل سمك السلمون المرقط تظهر استجابات جسدية وسلوكية مشابهة لتلك التي تظهر عند الثدييات عند التعرض للألم.
ومع ذلك، يحذر بعض العلماء من التعميم. يقول نيك لينج، عالم بيئة الأسماك من جامعة وايكاتو، أن قدرة الأسماك على الشعور بالألم قد تختلف بين الأنواع، نظراً للتنوع الكبير بينها.
اعتراف عالمي بقدرات الأسماك الحسية
مع تزايد الأدلة على أن الأسماك تمتلك قدرات حسية معقدة، بدأت بعض الدول في تعديل قوانينها لتعكس هذه الحقائق.
فقد قامت نيوزيلندا وإقليم العاصمة الأسترالية بتوسيع قوانين رفاهية الحيوانات لتشمل الأسماك، مما يعكس تحولاً كبيراً في النظرة العلمية والإنسانية لهذه الكائنات البحرية.
تفتح هذه الدراسات أفقاً جديداً لفهم عالم الأسماك، مؤكدة أنها ليست مجرد كائنات بدائية، بل قد تكون قادرة على الشعور بالألم وتكوين علاقات عاطفية مع بيئتها، مما يثير تساؤلات حول كيفية تعامل البشر مع هذه الكائنات في المستقبل.
طالع أيضًا