البكاء بين الرجال والنساء: هل هو سلوك بيولوجي أم ضغوط ثقافية؟

البكاء بين الرجال والنساء: هل هو سلوك بيولوجي أم ضغوط ثقافية؟

شارك المقال

محتويات المقال

تتداول الكثير من الأفكار النمطية التي تربط بين البكاء وكونه سمة مميزة للنساء أكثر من الرجال، على الرغم من أن هذه الصورة لا تستند إلى دليل علمي قاطع.


وفي الوقت نفسه، تشير دراسات حديثة إلى وجود عامل بيولوجي قد يفسر هذا التفاوت بين الجنسين، حيث يُعتقد أن هرمون التستوستيرون قد يكون مسؤولاً عن تقليل قدرة الرجال على البكاء.


ظاهرة بشرية أم بيولوجية؟


يُعد البكاء من الظواهر البشرية الفريدة التي تميز الإنسان عن باقي الكائنات الحية.


فحتى الحيوانات الأليفة التي نعيش معها لا تذرف الدموع رغم قدرتها على الشعور والتعبير عن مشاعر متعددة.


وعلى الرغم من كثرة الدراسات التي تناولت هذه الظاهرة، إلا أن العلماء لم يتوصلوا إلى تفسير نهائي حول سبب البكاء البشري، ليظل هذا الأمر "لغزًا بيولوجيًا".


وسيلة للتواصل العاطفي أم آلية للتخفيف؟


إحدى الفرضيات التي طرحتها بعض الدراسات تشير إلى أن البكاء قد يكون وسيلة غير لفظية للتواصل بين الأفراد أو آلية للتخفيف من الألم العاطفي.


وقد أظهرت أبحاث طبية أن القدرة على البكاء تساهم في تنظيم المشاعر، وهو ما يظهر بوضوح لدى الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات طبية تمنعهم من إفراز الدموع، حيث يواجهون صعوبة في إدارة مشاعرهم.


العلاقة بين هرمون التستوستيرون والبكاء


عند دراسة الفروق بين الجنسين في سلوك البكاء، يظهر هرمون التستوستيرون كعامل بيولوجي رئيسي.


فقد أظهرت دراسة بحثية في 2018 أن الرجال يبكون أقل وبفترات أقصر مقارنة بالنساء، مما دفع الباحثين لافتراض أن هرمون التستوستيرون قد يكون هو المسؤول عن تقليل البكاء لدى الرجال.


هذا الافتراض مدعوم بتجارب على الحيوانات التي أظهرت أن مستويات التستوستيرون تؤثر على صراخ الاستغاثة، وهو البديل الحيواني للبكاء.


لماذا يقل بكاء الرجال؟


تشير الدراسات إلى أن الرجال الذين يتناولون أدوية مضادة للتستوستيرون أو الذين يخضعون لعلاج هرموني قد يلاحظون زيادة في معدل البكاء.


على سبيل المثال، الرجال الذين يتلقون علاجًا لسرطان البروستاتا والنساء المتحولات جنسيًا قد يلاحظون زيادة في مشاعرهم العاطفية وبكائهم نتيجة انخفاض مستويات التستوستيرون.


وفقًا للباحث آد فينغرهويتس، "التستوستيرون يثبط البكاء، وعندما تنخفض مستوياته، يصبح الشخص أكثر عاطفية".


التأثيرات الثقافية على مشاعر الرجال


على الرغم من الأدلة البيولوجية التي تشير إلى تأثير هرمون التستوستيرون، لا يمكن تجاهل التأثيرات الثقافية والاجتماعية في كيفية تعبير الرجال عن مشاعرهم.


فقد أظهرت الدراسات أن المجتمع يقبل بكاء الرجال في مواقف معينة مثل الرياضات التنافسية، حيث يُعتبر بكاء الرياضيين علامة على القوة والرجولة.


أما في مواقف أخرى، فإن بكاء الرجال لا يزال يُنظر إليه على أنه ضعف أو سلوك غير مناسب.


تجاوز الصور النمطية حول بكاء الرجال


تعكس هذه النظرة الثقافية حول بكاء الرجال التوقعات التي تفرض عليهم التعبير عن مشاعرهم بطريقة تختلف عن النساء، مما قد يؤدي إلى شعورهم بالعار أو الإحراج عند التعبير عن الحزن.


كما أشار الطبيب النفسي مايك غروبر في حديثه عن محارب قديم مصاب بصدمة نفسية: "حتى عندما يبكي الرجال، قد يسبب لهم ذلك الشعور بالخجل والعار".


الصحة النفسية للرجال


في ظل الانتباه المتزايد لمعدلات الانتحار بين الرجال والوعي المتزايد بأهمية الصحة النفسية، من المهم أن نأخذ في الاعتبار العوامل البيولوجية والثقافية التي تؤثر في كيفية تعبير الرجال عن مشاعرهم.


فبينما تساهم الدراسات البيولوجية في تقديم تفسير حول تأثير التستوستيرون، لا تزال التحديات الثقافية قائمة في منع الرجال من التعبير بحرية عن مشاعرهم، مما يعزز الحاجة إلى نقاش أعمق لدعم الصحة النفسية للرجال.


طالع أيضًا

مفاجآت غير متوقعة: كيف يترك البكاء تأثيره على بشرتك؟

phone Icon

احصل على تطبيق اذاعة الشمس وكن على
إطلاع دائم بالأخبار أولاً بأول