لطالما كانت القهوة أحد أكثر المشروبات شعبية في العالم، لكن مذاقها المر يظل موضوعًا مثيرًا للجدل، حيث يختلف شعور الناس بمرارة القهوة بشكل ملحوظ.
هل يعود السبب إلى نوع القهوة أو طريقة تحضيرها؟ أم أن هناك عوامل أخرى تلعب دورًا في هذا الاختلاف؟ في دراسة جديدة أجراها باحثون من معهد "لايبنتز" لبيولوجيا أنظمة الغذاء في جامعة ميونيخ التقنية، تم الكشف عن عوامل جديدة تساهم في طعم القهوة المر.
ليس فقط المكونات الكيميائية مثل الكافيين التي تلعب دورًا في ذلك، بل أيضًا عوامل جينية تؤثر في مدى إحساس الأشخاص بهذه المرارة.
فما هي هذه المركبات الجديدة؟ وكيف تؤثر عملية التحميص والجينات على مذاق القهوة؟ سنكشف في هذا المقال عن إجابات هذه الأسئلة المثيرة في هذا البحث العلمي الجديد.
دراسة جديدة تكشف عن أسباب اختلاف مذاق مرارة القهوة بين الأفراد
توصل باحثون من معهد "لايبنتز" لبيولوجيا أنظمة الغذاء في جامعة ميونيخ التقنية إلى إجابات جديدة حول سبب اختلاف مذاق المرارة في القهوة بين الأفراد. وقد نُشرت نتائج هذه الدراسة في مجلة "فوود كميثتري".
اكتشف الفريق مجموعة جديدة من المركبات المرة في قهوة أرابيكا المحمصة، حيث قاموا بدراسة تأثير هذه المركبات على طعم القهوة المر.
ولأول مرة، أظهرت الدراسة أن العوامل الجينية تلعب دوراً في تحديد مدى إحساس الأشخاص بمرارة القهوة.
بينما يُعرف الكافيين بمذاقه المر، تبقى القهوة منزوعة الكافيين مرّة أيضاً، مما يشير إلى وجود مركبات أخرى تساهم في الطعم المر.
ومن بين هذه المركبات، كان الباحثون قد بدأوا دراسة مركب "الموزامبيوسايد" الموجود في حبوب أرابيكا، والذي يُعد أكثر مرارة بعشر مرات من الكافيين، ويقوم بتنشيط مستقبلات الطعم المر في الجسم.
دور التحميص في تغيير التركيبة الكيميائية للقهوة
اكتشف الفريق أن تركيز الموزامبيوسايد يتناقص أثناء عملية التحميص، مما يجعله مساهماً بسيطاً في مرارة القهوة.
ولكن، تبين أن منتجات تحلل هذا المركب الناتجة عن التحميص قد تكون هي المسؤولة عن الطعم المر.
تأثير درجة التحميص والاستعداد الوراثي
أظهرت الدراسات أن عملية التحميص تنتج سبع منتجات تحلل مختلفة للموزامبيوسايد، وتختلف هذه المنتجات في الكميات التي توجد في القهوة المحمصة بناءً على درجة حرارة ومدة التحميص.
بالإضافة إلى ذلك، كشف البحث أن هذه المركبات تنشط مستقبلات الطعم المر بشكل أقوى من المركب الأصلي، لكن تأثيرها كان ضعيفاً عندما وُجدت بمفردها.
عند دمج الموزامبيوسايد مع منتجات تحلله، شعر 8 من أصل 11 متطوعاً بطعم مر. وهذا يشير إلى أن هذه المركبات مجتمعة هي التي تساهم في الطعم المر الواضح في القهوة.
الجينات وحساسية الطعم
من خلال الاختبارات الجينية، تبين أن الاستجابة للطعم المر تعتمد على الاستعداد الوراثي للأفراد.
بعض الأشخاص لديهم نسختان سليمتان من الجين المسؤول عن مستقبل الطعم المر (TAS2R43)، بينما لدى آخرين نسخة واحدة سليمة والأخرى معطلة، مما يؤثر في قدرتهم على تمييز الطعم المر.
آفاق أبحاث نكهات القهوة المستقبلية
يقول الدكتور رومان لانغ، الباحث الرئيسي في الدراسة، إن هذه النتائج تساهم في تعزيز فهمنا لكيفية تأثير عملية التحميص على نكهة القهوة، مما يفتح المجال لتطوير أنواع قهوة ذات نكهات منسقة بدقة.
كما أن هذه النتائج تشكل خطوة هامة في أبحاث النكهات، وكذلك في مجالات أبحاث الصحة.
على الرغم من هذه الاكتشافات، أضاف الدكتور لانغ أنه لا يزال هناك الكثير من العمل للقيام به، حيث تظل العديد من المركبات المرة في القهوة غير مفهومة بالكامل من حيث تأثيرها على مستقبلات الطعم المر.
طالع أيضًا
هل تشعر بالنعاس بعد القهوة؟ إليك الأسباب التي تفسر هذا الشعور