ترامب يرسم شكل الدنيا من جديد!!

shutterstock

shutterstock

هذه ليست مقالة، إنما استقراء!

لست أدعي القدرة الفائقة على التحليل الاستباقي، ولا على التنبؤ السماوي، ورغم ذلك أدعوكم لمشاركتي في الخواطر التي تلازمني، سيّما وأنّ علماء النفس التحليلي يوصون بعدم الانزواء لمردوداته السيئة لا بل الخطيرة.


أنا مثلكم تمامًا، أجلس أمام التلفاز أو أتابع عبر الشبكات الاجتماعية التي لا ألمّ بها إلمامًا خاصًا وأجد نفسي أخاطب ذاتي دون هوادة ساخرًا تارة ومنتفضًا تارة أخرى.


حينما تم انتخاب دونالد ترامب لولاية ثانية، أحسست بأنّ الدنيا انقلبت رأسًا على عقب، وأنّ الانفجار الكبير قد تم بقدرة قادر، وأنّ الخراب والدمار سيحل علينا أجمعين، سيّما وأنّ هذه الشخصية ستقود الدنيا بجنونها ومزاجها إلى ما لا نهاية، باعتباره سيطوّع الدستور الرئاسي في أمريكا لأبدية قيادته، ليس أمام مواطنيه فحسب، وإنما سيادته على المعمورة برمتها.



shutterstock


أنا أتابع ما يرد على لسانه بتقزز مرة، وباستسخاف مرة أخرى. أبتسم أحيانًا وأتقوقع أحيانًا أخرى. ألا يكفيني بأنّ رئيس حكومتي هو الديكتاتور الكبير، والآن عليّ أن أهضم رئيس عالمي الكبير؟


رجل الثراء والمال سيرافقنا 


إذن، بعد شهور عديدة على رئاسته، وعقب توليه فترة ثانية، رجل الثراء والمال سيرافقنا بفذلكاته التي تبدو للعيان جوفاء، إلا أنّه يترتب علينا في حقيقة الأمر قراءته بتمعن معمّق. ترامب قد حسم الأمر، وهو ماضٍ بإحداث خلخلة عالمية جديدة، أو ما يسمى بنظام عالمي جديد.


هو سيقضي على العولمة التجارية بشكل جذري من خلال سياسته الجمركية الثورية والانفرادية لمصلحة المستهلك الأمريكي ولمصلحة الخزينة الأمريكية.


دونالد ترامب عاش ثريًّا بعد أن ولد ثريًّا، وهو يعشق المال فوق أي اعتبار. من هذا المنطلق سيعمل من أجل الاستحواذ على ثروات الآخرين.


علاقة عشق جديدة 


السعودية التي سيزورها قريبًا، على رأس قائمة اهتماماته، ليس محبة بها وإنما عشقًا بمالها وبنفطها.



shutterstock


هو يريد تذويب العداء التقليدي ويبحث عن الوئام مع صديقه بوتين. هو على يقين بأنّ حلفًا من هذا القبيل قد يؤمّن له حتمًا هيمنة بلا اعتراض على كل بقعة من بقاع الدنيا له مصالح اقتصادية فيها.


يبدو لنا بأنّ ترامب يتخذ قراراته بناء على الجهة التي يستيقظ بها، ولكنه، وهذا شعوري، يمتلك عقيدة مدروسة ومخططة وهو يقوم بإنجازها وكأنها عابرة وتأتي من باب الصدفة أو المزاج المتقلب، ولكنها عكس ذلك تمامًا.


يشعر ترامب بثقل الملل من دول تشكل عبئًا وعناءً، عليه وعلى خزينته، لذا سيخفف من اهتماماته باسرائيل، لصالح الغزل مع أكثر من عشرين دولة عربية بتسليحها، وبالترويج للبضائع الأمريكية فيها.


كيف هو ترامب؟ 


ذكاء دونالد ترامب خارق. لا تستخفوا به. هو يقيم الدنيا ويقعدها ويتعامل مع الآخرين حتى لو كانوا من أكثر المقربين له، كأوراق الشدّة (بطاقات اللعب). هو يبتغي الهيمنة المطلقة على جميع المحاور الخلافية في العالم، بدءًا بجيرانه، كندا والمكسيك والمهاجرون، والسيطرة حتى على الفكر والأكاديمية، استمرارًا بمعاقبة منافسيه، وختامًا بالإعلان عن حروب، كالحرب أمام المنظمات الإنسانية المهمة في هيئة الأمم المتحدة.



shutterstock

ترامب لا يأبه بشيء إلا بكونه الواحد والأوحد، رسول الباري على وجه البسيطة. كل ركائز الكون لبناء عالم جديد تبشيري، وعلى أبجديات الدنيا أن تنقلب وتتبعثر ويجب على المقدسات أن تنتهك وتتبدل، وما على العالم إلا أن ينصاع لمآربه ولذكائه الأسطوري.


ترامب يتلاعب بالدنيا كأحجار الشطرنج، هو يبني من جهة ويدمر من جهة ثانية. يبحث عن أصدقاء جدد ملقيًا بأصدقائه السابقين على قارعة الطريق. هو يعي جيدًا أنّ الوقت قصير والعمل كثير، وأنّ دعائم هذا الكون حتى الآن هي كلاسيكيات يجب أن تندثر سريعًا لبناء عالم آخر في أسلوب ما بعد الحداثة. هي بمثابة ثورة سنشهد نتائجها سريعًا.

نحن إذا، في خضم بناء عالم جديد، نظام جديد، سيخلق حربًا على المسلّمات والمقدسات، وبعبارة أخرى، بدأ ترامب بخلق ديانة جديدة ستسجد البشرية أمامها وأمام نبيها دونالد ترامب!


إنّها حقيقة، حرب من نوع آخر. حرب عالمية ثالثة تحدث أمامنا بلا أسلحة بقيادة نادرة لشخصية خلاقة لا نكن لها الكثير من التقدير ولكنها تقوم بترسيم الدنيا من جديد!

يتم الاستخدام المواد وفقًا للمادة 27 أ من قانون حقوق التأليف والنشر 2007، وإن كنت تعتقد أنه تم انتهاك حقك، بصفتك مالكًا لهذه الحقوق في المواد التي تظهر على الموقع، فيمكنك التواصل معنا عبر البريد الإلكتروني على العنوان التالي: info@ashams.com والطلب بالتوقف عن استخدام المواد، مع ذكر اسمك الكامل ورقم هاتفك وإرفاق تصوير للشاشة ورابط للصفحة ذات الصلة على موقع الشمس. وشكرًا!

phone Icon

احصل على تطبيق اذاعة الشمس وكن على
إطلاع دائم بالأخبار أولاً بأول