قبل أيام، أجرت لجنة الكنيست مداولات حول طلب لإقالة عضو الكنيست أيمن عودة من عضويته في الكنيست، بموجب البند 42أ (ج) من القانون الأساسي: الكنيست، وانتهى هذا الإجراء بالتصويت لصالح عزل وإقصاء النائب أيمن عودة من الكنيست على خلفية مواقفه السياسية.
ووفقًا للإجراء الوارد في هذا البند، عقدت الجلسة بعد أن تم جمع – وللخجل الشديد – 70 توقيعًا، من بينها عشرة على الأقل من أعضاء المعارضة.
ومع ذلك، فلن تتم إقالة عضو الكنيست عودة من الكنيست – فوفقًا للقانون الأساسي، حتى بعد قرار اللجنة، لا بد من الحصول على أغلبية 90 عضو كنيست في الهيئة العامة، وحتى إذا تحققت هذه الأغلبية، يحتفظ عودة بحقه في الاستئناف أمام المحكمة العليا.
نظرًا لضعف الادعاءات والأدلة ضده، وللإخفاقات الإجرائية في النقاش – الذي من المفترض أن يكون "شبه قضائي"، وليس مجرد تبادل شتائم من قِبل من يسعون فقط لتحفيز قواعدهم الانتخابية واكتساب شعبية قبل الانتخابات التمهيدية – فإن المحكمة العليا لن تتمكن من المصادقة على مثل هذه الإقالة.
ومع ذلك، فإننا أمام حدث سياسي - دستوري بالغ الأهمية، وخطوة أخرى في تدهور الديمقراطية الإسرائيلية.
ما يثير القلق بشكل خاص هو موقف بعض أعضاء معسكر الوسط - يسار، وهو موقف خاطئ تكتيكيًا، وضد الديمقراطية، ومرفوض من حيث الجوهر.
اختيار بعض أعضاء المعارضة، وعلى رأسهم ربما عضو الكنيست يائير لابيد، الانضمام إلى الدعوة لإقالة عضو الكنيست عودة، يشكل خطأً تكتيكيًا كبيرًا.
القدرة على هزيمة معسكر نتنياهو في الانتخابات وتحقيق التغيير السياسي المطلوب تستدعي شراكة حقيقية مع المواطنين العرب الفلسطينيين في إسرائيل. سواء كانت هذه الشراكة في حكومة ائتلافية أو بشكل آخر، فلا مستقبل للمعسكر الديمقراطي في إسرائيل من دون دعم شرائح واسعة من المجتمع العربي.
دعم هذه الإقالة – والتي تفتقر لأي أساس حقيقي، وتحمل رائحة عنصرية كريهة، خاصةً في ظل صمت تام عن أعضاء كنيست يعلنون دعمهم المتكرر لجرائم إبادة – يرسل رسالة مهينة ومنفّرة للجمهور العربي.
وهو يوضح أن شخصية مثل عودة – الذي يمثل الفلسطينيين بشجاعة، وهو داعية سلام وديمقراطي حقيقي – لا يُنظر إليه كشريك في هذا المعسكر.
ولا شك أن هذه الخطوة ستؤدي إلى انخفاض في نسبة تصويت المواطنين العرب للأحزاب المحسوبة على معسكر اليسار - الوسط، بل ستؤدي إلى انخفاض عام في نسبة التصويت في المجتمع العربي، وهو ما سيكون كارثيًا على هذا المعسكر وعلى الديمقراطية الإسرائيلية.
Shutterstock
من المرجّح أن هذا هو الهدف الحقيقي من هذه المبادرة – خفض نسبة التصويت في المجتمع العربي. وهم يعلمون جيدًا أن عودة لن يُقال في نهاية المطاف. لكن لابيد يخدم أهدافهم من خلال دعمه للمبادرة.
من المنظور الديمقراطي، لا يمكن قبول هذه الدعوة للإقالة. التصريحات التي أدلى بها عودة، والتي على أساسها أُطلقت المبادرة لإقالته – في إطار بند يتحدث عن دعم كفاح مسلح ضد الدولة!
– كانت تعبيرًا عن الفرح بإطلاق سراح أسرى فلسطينيين ومخطوفين إسرائيليين.
مثل هذه التصريحات ينبغي أن تُعتبر ضمن مجال حرية التعبير المحمية، والشرعية الديمقراطية.
(العديد من أعضاء الكنيست من اليمين، بمن فيهم رئيس اللجنة، الذين وصفوا عودة بالإرهابي والمخرب الكبير، ينبغي أن يكونوا هم أنفسهم عرضة لإجراءات من لجنة الأخلاقيات البرلمانية).
Shutterstock
ويزداد الخلل الديمقراطي فداحة في ضوء الخطاب المتكرر لبعض مؤيدي "الانقلاب القضائي"، الذين يقولون إن الديمقراطية تعني أن الشعب يقرر عبر ممثليه في البرلمان، وإن السلطة يجب أن تكون بيد الشعب وليس بيد القضاة أو الموظفين.
هذا الطرح، وإن كان معيبًا في وجوه عديدة، إلا أنه يفترض الدفاع عن الحق في الترشح والانتخاب بشكل كامل ومطلق. ومع ذلك، فإن هؤلاء أنفسهم يسارعون إلى تجريد عودة من حقه في الترشح، ومنع ناخبيه من اختيار ممثلهم – بدون أي مبرر جدي. وهكذا، نعود مجددًا لاكتشاف نفاقهم حين يتحدثون عن الديمقراطية.
ومن المهم الإشارة إلى أن الدعوة للإقالة لا تقلّ خطورة لمجرد أنها ستفشل في النهاية.
فمجرد طرحها يخلق أثرًا مُرهبًا على أعضاء كنيست حاليين ومستقبليين، ويمهد الطريق لخطوات مستقبلية في مسار الانهيار الديمقراطي.
لكن المشكلة الجوهرية في هذه المبادرة – خاصة موقف بعض أعضاء معسكر الوسط - يسار منها – لا تقتصر على كونها خطأً تكتيكيًا أو مساسًا بالديمقراطية، بل تكمن في حقيقة أن عودة، من كل وجهة نظر عقلانية، هو حليف لهذا المعسكر.
عودة لديه سجل طويل من تمثيل المجتمع الفلسطيني في الداخل بشجاعة، ومن العمل المشترك مع شركاء يهود في مبادرات تشريعية هامة، ومن الدعوة المستمرة للتعايش والمساواة.
بطبيعة الحال، يمكن بل ويجب انتقاد بعض تصريحاته أو مواقفه، وهو ما فعلته أنا أيضًا في سياقات أخرى.
لكن التعامل معه – ومع الجمهور الواسع الذي يمثله – ليس كشريك ديمقراطي مختلف في الرأي أحيانًا، بل كخارج عن الشرعية، غير المستحق لأبسط الحقوق الديمقراطية – الحق في الترشح والانتخاب – يعني التنازل عن أي أمل في حل عادل ومحترم بين أبناء الشعبين الذين يرون في هذه الأرض وطنًا لهم.
المشاركة في الدعوة لإقالة عودة ليست فقط خطأ تكتيكيًا أو ضعفًا ديمقراطيًا.
إنها أيضًا مؤشر على فقدان كامل للبوصلة من قبل من يدّعون تمثيل طريق السلام والمصالحة والأمل.