قال المطران وليم شومالي، النائب البطريركي في القدس وفلسطين لطائفة اللاتين، إن دير اللاتين في غزة تعرّض مؤخراً لقصف مروع، رغم كونه ملاذاً آمناً لمئات النازحين بينهم أطفال معاقون وراهبات يخدمونهم.
وأضاف في مداخلة هاتفية لبرنامج "الظهيرة"، على إذاعة الشمس، أن القصف أسفر عن سقوط سبعة جرحى، بينهم حالتان خطيرتان للغاية وكاهن الرعية، مشيراً إلى أن التدخل الطبي في مستشفى المعمداني أعاد الأمل بفُرص بقائهما على قيد الحياة، فيما بقيت حالات خطرة قيد المتابعة.
وسبق أن قام الجيش الإسرائيلي بقصف كنيسة العائلة المقدسة التابعة لطائفة اللاتين في البلدة القديمة في مدينة غزة، ما أسفر عن إصابة عدد من الأشخاص، منهم كاهن الرعية.
رواية الجيش الإسرائيلي.. وإصرار الأسر المسيحية على البقاء
وأوضح المطران شومالي أن الجيش الإسرائيلي نفى استهداف الكنيسة عمداً، مبرراً الضربة بقرب الاشتباكات من الدير، وقال إن الجيش كان يطالب الأهالي بشكل متكرر بإخلاء الموقع والانتقال إلى الجنوب أو إلى منطقة المواصي، وهو ما رفضته الأسر المقيمة.
كما أكد أن هذا الرفض يأتي لأن النازحين سبق وشاهدوا وعاشوا قصف الخيام ومحطات اللجوء في كل عملية نزوح سابقة، فاختاروا البقاء في الدير حيث شعروا بنوع من الأمان وتواصلوا به مع الرعية التي وفرت لهم الرعاية الروحية والطبية ما أمكن.
آلاف عالقون دون مساعدات والكنيسة عاجزة عن التدخل
حول وضع المساعدات، صرح شومالي أن الكنيسة كانت توفر الدعم الغذائي لما يقارب 30 أو 40 ألف شخص بمنطقة الزيتونة، لكن منذ شهرين وأكثر، لم تدخل أي إعانات لا إلى الدير ولا إلى الجيران المحيطين.
قدّر النائب البطريركي عدد النازحين في كنيسة اللاتين وحدها بأكثر من 400 شخص، فضلاً عن 200 نازح في كنيسة الروم المجاورة ونحو 50 من الأطفال ذوي الإعاقة، مؤكداً أن الجميع رفض مغادرة القطاع أو الانتقال إلى ما يُسمى "جنوب آمن" لعجز الكنيسة عن توفير ضمانات نقل آمن أو أي شروط حياة كريمة خارج غزة.
الكنيسة ترفض الرحيل القسري وتتمسك بقرار صمود الجماعة المحلية
وشدد المطران شومالي على أن الطروحات الإسرائيلية لحل أزمة نازحي الكنيسة اقتصرت فقط على الترحيل خارج قطاع غزة لا إلى الضفة أو القدس رغم تواجد أقرباء للنازحين هناك، مضيفاً أن الكنيسة تؤكد دائماً على حق الناس في تقرير مصيرهم بأنفسهم.
كما بيَّن أن الأهالي هم أصحاب القرار في البقاء أو الرحيل، وأن معظمهم اختار الصمود رغم شدة الخطر وتكرر الاستهداف، رفضاً لأي نزوح جماعي أو تهجير خارج البلاد.
بيان كنسي وتحذيرات من تفاقم المأساة الإنسانية
وأكد أن البطريركية أصدرت بياناً أولياً حول القصف بانتظار اتضاح مصائر الجرحى، وأن جهود الكنيسة مستمرة في تقديم ما يتاح من دعم روحي ومعنوي، داعياً بوضوح المجتمع الدولي لممارسة الضغط الحقيقي نحو وقف مأساة المدنيين ومنع استهداف المرافق الدينية وتحويلها إلى مساحات لجوء وموت في آن معاً.
ومن جانبها، أدانت رئيسة الوزراء الإيطالية، جورجيا ميلوني، الغارات الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة، مشيرة إلى أن “الهجمات طالت أيضًا كنيسة العائلة المقدسة، في استهداف لا يمكن القبول به”.
وقالت ميلوني في تغريدة على منصة X: "من غير المقبول أن تستمر إسرائيل في شن هجمات على السكان المدنيين منذ أشهر. لا يمكن لأي عمل عسكري أن يبرر هذا السلوك".
وأكدت أن حماية المدنيين والمواقع الدينية يجب أن تبقى أولوية مطلقة في كل الظروف، داعية إلى "وقف فوري للتصعيد، واحترام القانون الدولي الإنساني".