أقر الكنيست الإسرائيلي، بأغلبية 71 نائباً من أصل 120، مقترحاً يقضي بضم الضفة الغربية وفرض السيادة الإسرائيلية عليها، والذي عُرف بـ "قانون السيادة"، في خطوة أشعلت موجة رفض فلسطيني رسمي وشعبي واسع، واعتبارها قراراً باطلاً وغير شرعي يهدد فرص السلام وحل الدولتين.
جاء التصويت على مشروع القرار، الذي تقدّم به نواب من الائتلاف الحاكم قبل العطلة الصيفية، وسط دعم كامل من أحزاب الحكومة وحزب "إسرائيل بيتنا" المعارض.
ولبحث تداعيات القرار فلسطينيا داخل الضفة، وكيف سيتم التعامل معه، أجرينا ضمن برنامج "أول خبر"، مداخلة مع وليد حباس، الباحث في المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية (مدار).
وقال حباس إن خطوات الضم الأخيرة التي تدفع بها إسرائيل فيما يخص الضفة الغربية تشكل تحولًا خطيرًا يماثل ما حدث مع قانون ضم الجولان عام 1981.
وأضاف أن القانون في ذلك الوقت كان موجزًا للغاية، إذ نص بشكل صريح على أن "القانون والقضاء والإدارة الإسرائيلية تنسحب أيضًا على الأراضي السورية العربية"، ما تم اعتباره إعلانًا واضحًا للضم، مضيفًا أن الضفة الغربية منذ العام 1967 تخضع لنظام قانوني مركب يجمع بين قوانين الاحتلال والإدارة العسكرية الإسرائيلية.
وأشار حباس إلى أن التحولات الحالية تحمل معان أكثر عمقًا من مجرد نقل صلاحيات من الجيش للوزارات المدنية، إذ أن "الضم النهائي يعني اعتبار المستوطنين مواطنين إسرائيليين بالمعنى القانوني الكامل مع حياد الفلسطينيين عن أي حقوق مصاحبة".
كما أوضح أن ما يدور الآن في الكنيست يؤكد أن الأغلبية السياسية الإسرائيلية تتبنى رسميًا رفض دولة فلسطينية، لافتا إلى أن "لمور هار ميلخ قالت صراحة: لن تكون هناك دولة، ولا إمارة خليلية، ولا إمارة نابلسية، ولا حتى حكم ذاتي".
وتابع قائلًا: "خمسة ملايين فلسطيني بين الضفة وغزة لن يُمنحوا جنسية إسرائيلية ولن يحصلوا على دولة، بل فقط مزيد من تضييق الخناق والحصار وسلب الحقوق".
وصف حباس المشهد الحالي بأنه مزيج من كانتونات مغلقة: "رام الله، نابلس، جنين، الخليل، كلٌ في مساحة جغرافية أشبه بالإمارات المنعزلة، مع صعوبات في التنقل وتقييد الحركة، وهجوم مستمر من المستوطنين وحصار اقتصادي خانق".
وبيّن أن الفكرة الإسرائيلية الراهنة تندرج تحت إدارة الواقع بالقوة ومزيد من الضخ الاقتصادي المؤقت، دون أي اعتراف بحق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم أو تشكيل مستقبل سياسي خاص.
كما رأى أن مسألة تقرير المصير أكبر من فكرة "حل الدولتين" الضيقة، قائلا: "تقرير المصير للفلسطيني هو مشروع عابر للخط الأخضر وممتد إلى كل مكان يوجد به الشعب الفلسطيني، من الضفة للنقب للشام للأردن وخارج فلسطين".
وحذّر حباس من وهم الحديث عن دولة فلسطينية مستقلة، مؤكدًا أن كل الوقائع والتصريحات الإسرائيلية على مدى العشرين سنة الماضية تنكر ذلك وتكتفي بالحديث عن "حكم ذاتي محدود أو أوتوينوميا".
وضرب مثالًا على ذلك بمسألة تبادل الأراضي، موضحًا أن إسرائيل الآن تنتقل إلى مرحلة تقسيم جغرافي أشد صرامة عبر مناطق "أ، ب، ج" وتسعى لتجميع الفلسطينيين في كتل سكانية ومنع بقاءهم في المناطق الزراعية والمراعي.
وقال: "إسرائيل في حالة انزياح متواصل نحو المشروع التوراتي اليميني، وترى في 'يهودا والسامرة' قلب المشروع الصهيوني… لن تسلّم أيٍ من مناطق الضفة للفلسطينيين مهما كان".
وختم حباس حديثه بالتشديد على أن "سردية المساواة أو الدولة الواحدة ليست أكثر من سراب"، لأن إسرائيل تملك كل أدوات السيطرة التقنية واللوجستية لمنع أي تحول ديمغرافي ولو كانت الأغلبية فلسطينية.
وكرر: "طالما ظل هناك ظلم تاريخي واجحاف بحق الشعب الفلسطيني سيبقى الصراع قائمًا… المعادلة لم ولن تتغير".