شهدت بلدة الطيبة شرق رام الله، فجر اليوم الإثنين، اعتداءً جديداً نفذه مستوطنون اقتحموا البلدة، وأقدموا على إحراق مركبتين وخط شعارات عنصرية على جدران المنازل، في استمرار لوتيرة تصاعد الهجمات ضد السكان الفلسطينيين وممتلكاتهم.
ولمزيد من التفاصيل، كانت لنا مداخلة ضمن برنامج "أول خبر" مع الأب جاك عابد، كاهن الروم الكاثوليك في الطيبة، الذي أكد أن البلدة تواجه وضعاً مأساوياً يشبه المطرقة والسندان، حيث تتلقى الضربات من جميع الاتجاهات بفعل الاعتداءات المتكررة من "ذعران التلال" – كما وصفهم – الذين يحاولون إرغام السكان الأصليين على ترك أرضهم.
وشدّد الأب جاك في حديثه على أن البلدة صامدة ولن تتزحزح عن أرضها، قائلاً: "جذورنا متجذرة في الأرض حتى تصل جهنم من عمقها، ولن يستطيع أحد أن يقتلعنا".
وروى تفاصيل الهجوم الأخير قائلاً إنه تلقى بلاغًا هاتفيًا في الثانية بعد منتصف الليل من شباب الطيبة عن هجوم للمستوطنين تخلله كتابة شعارات عنصرية على الجدران وإحراق سيارتين، مبيّناً أن مثل هذه الأفعال تدفعهم للتمسك بالمقاومة السلمية ورفض إراقة الدماء رغم المقدرة على الرد.
وأوضح الأب جاك أن رسالتهم للوفود الدبلوماسية والسفير الأمريكي الذي زار الطيبة مؤخراً كانت واضحة، وهي رفض العنف والإصرار على التمسك بحقهم في الأرض والمقاومة السلمية.
وصرح: "نحن لا نخاف من أحد لأن الله معنا، لكن للأسف الحكومة الإسرائيلية بعناصرها المتطرفة لا تريد أي فلسطيني هنا".
كما حمّل وزارة الدفاع الإسرائيلية والشرطة مسؤولية حماية الأهالي والتقاعس المستمر رغم تقديم عشرات الشكاوى دون تجاوب أو حتى اعتذار، مشيراً إلى أن سياسات المسؤولين كسموتريتش وبن غفير ونتنياهو تحرض على مزيد من التطرف والعنف بهدف تهجير الفلسطينيين.
وأشار الأب جاك إلى أن الوجود المسيحي والعربي في الطيبة متجذر منذ قرون، مؤكداً أن المسيحيين والعرب هم أصل البلاد ولن يفرطوا بأرضهم وكرامتهم.
واستطرد قائلاً: "المسيح دعا لمحبة العدو، ولكن أيضاً للدفاع عن النفس بكرامة وسلام وبدون إذلال، فنحن لسنا جدارًا واطيًا يُغفر للجميع أن يتجاوزه".
وأكد حرص المجتمع على السلم الأهلي وعدم وقوع ضحايا رغم كثافة الاستفزازات، مشيرًا إلى خصوصية الطيبة التي ظلت طوال 35 عاماً بلا حوادث قتل أو دماء.
وفي سياق متصل، تحدث الأب جاك بمرارة عن تحدي الهجرة، مشيراً إلى أن السنوات الأخيرة شهدت مغادرة 17 عائلة – نحو عُشر السكان – بسبب تصاعد الاعتداءات بعد 7 أكتوبر، لتصبح الطيبة اليوم بلا أكثر من 350 بيتًا فارغًا من قاطنيها.
أوضح أن مجمل أبناء البلدة في الشتات يصل إلى 17 ألف نسمة موزعين على أمريكا اللاتينية، كندا، الولايات المتحدة، الأردن، الخليج العربي وأوروبا، مقابل 1300 نسمة فقط بقوا في البلدة، ما يجعل نزيف الهجرة أكبر تهديد لاستمرار الحياة المسيحية والعربية في الطيبة.
واختتم بالتأكيد على أن الصمود والبقاء في الأرض هو خيارهم الوحيد رغم الألم والتحديات الهائلة.
الجدير بالذكر أن هذه الاعتداءات تأتي في ظل تصاعد استهداف بلدة الطيبة من قبل المستوطنين خلال الأشهر الماضية، وسط تقاعس القوات الإسرائيلية عن توفير الحماية للسكان، ما دفع وفوداً كنسية ودبلوماسية للقدوم إلى البلدة والتضامن مع أهلها، مؤكدين رفضهم المساس بالمقدسات والممتلكات وتمسكهم بحق سكان الطيبة في البقاء على أرضهم.