يرى المؤرخ والمحاضر في معهد ترومان، الدكتور يسري خيزران، أن الوضع القائم في سوريا قد يتجه نحو "تكريس" نظام حكم لا مركزي، مضيفًا: "حيث يكون في الجنوب إقليم درزي على غرار الإقليم الكردي في شمال العراق".
وأضاف في مداخلة هاتفية لبرنامج "يوم جديد"، على إذاعة الشمس، أنه لا يعتقد بإمكانية لإقامة دولة درزية مستقلة نتيجة لغياب المقاومات الاقتصادية والبشرية والعسكرية اللازمة لهذا المشروع.
وأكد أن المنطقة إقليمياً ليست مهيأة لمثل هذا التحول، مشددا على أن إسرائيل التي تدعم مشاريع تقسيم وتقويض الأنظمة التقليدية في المنطقة عبر "مشروع حلف الأقليات"، لا تظهر حماسة تجاه إقامة دولة درزية، على الرغم من تشجيعها للنزاعات الانفصالية أينما كانت.
وأضاف "خيزران" أن المثال الأقرب لمفهوم الإقليم المستقل هو الإقليم الكردي في شمال العراق، الذي كان نتاجاً لحرب الخليج الأولى وكرسته الولايات المتحدة عالمياً.
واستطرد: "رغم الاعتراضات التركية، يتمتع الإقليم الكردي بنوع من الاستقلال الفعلي، فهو يمتلك جيشاً منفصلاً من البيشمركة
بحجم 150 ألف فرد ويتلقى حصة من ميزانية بغداد، وهذا النموذج يوفر مثالاً على وجود إقليم ضمن دولة ذات حكم ذاتي واسع النطاق".
وأوضح أن الوضع في سوريا هو "واقع انتقالي" ويرجع إلى الغياب التام لمشروع وطني سوري يحافظ على وحدة الأرض والشعب.
أشار إلى نداء سابق لأحمد الشرع، الذي دعا إلى إنشاء إقليم سني يضم أربع مدن، لكنه عاد لاحقاً ليؤكد ضرورة الحفاظ على وحدة التراب السوري.
هل يمكن تطبيق نظام لا مركزي في سوريا؟
وتحدث "خيزران" عن إمكانية تطبيق نظام لا مركزي في سوريا، لكنه أكد أن نجاح ذلك يتطلب دعم القوى الدولية الكبرى، مثل الدعم الذي حصل عليه الإقليم الكردي في شمال سوريا وشمال العراق، الذي يمتلك مقومات بشرية وجغرافية واقتصادية وعسكرية، لافتًا إلى أن هذا الأمر مرهون بالإرادة الدولية.
وردًا على إمكانية انتقال تجربة "الإقليم المنفصل" إلى مناطق أخرى مثل لبنان أو الضفة الغربية، استبعد خيزران الربط المباشر، لأنه يرى أن القضية الفلسطينية حالة خاصة ومختلفة.
وأشار إلى أن الأطروحات التي تتحدث عن "تقسيمات" في المنطقة مرفوضة على المستوى الإقليمي والعربي لأنها تهدد التوازن في المنظومة القائمة.
إقامة دول طائفية في المنطقة "مرفوض"
وشدد على أن ما يشاع عن توجه نحو إقامة دول طائفية في المنطقة "مرفوض" من قبل الدول العربية وتركيا خاصة، رغم أن إسرائيل استخدمت في السابق مشروع حلف الأقليات في سياستها لتقسيم المنطقة، لكن المحاولات السابقة مثل تقسيم لبنان أثبتت فشلها.
واختتم الدكتور يسري خيزران بالقول إن: "إسرائيل لا تسعى حالياً إلى إقامة دول طائفية مستقلة، لكنها ترغب في بقاء سوريا ضعيفة ومجزأة، بهدف الحفاظ على النفوذ الإسرائيلي وعدم تعزيز أي دولة قوية في المنطقة".