تقرير يكشف الشراكة الخفية بين الجيش والمستوطنون بمشروع البؤر الرعوية

shutterstock

shutterstock

كشفت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، في تقرير موسع نُشر السبت، عن معطيات صادمة تتعلق بدور قائد المنطقة الوسطى الأسبق في الجيش الإسرائيلي ، روني نوما، في الإشراف على إقامة بؤر استيطانية رعوية غير قانونية في منطقة الأغوار. 


وأسهمت هذه الخطوة، التي جرت بالتنسيق مع مستوطنين ومن دون علم رئيس الأركان آنذاك غادي آيزنكوت، أسهمت في توسع استيطاني متسارع بالضفة الغربية، تحت غطاء أمني وعسكري مباشر.


بداية المشروع كانت عام 2016 


وبحسب التقرير، تعود بدايات المشروع إلى عام 2016، عقب جريمة حرق عائلة دوابشة في دوما على يد مستوطنين.


آنذاك، طرح الجيش فكرة استيعاب مجموعات من "شبيبة التلال"، الذين يُعرفون بنشاطاتهم العنيفة عبر تشغيلهم في بؤر رعوية تحمل طابعًا أيديولوجيًا، وتم اختيار منطقة الأغوار، باعتبارها أقل كثافة سكانية فلسطينية، لتكون ساحة التطبيق الأولى.


إحدى أبرز هذه البؤر هي "مزرعة أوري"، التي أُنشئت قبل نحو تسع سنوات ونُقلت من مكانها أكثر من مرة، إضافة إلى "مزرعة تسورئيل" في جنوب الخليل.


طفرة استيطانية


ومنذ ذلك الحين، تحولت الخطة إلى "طفرة استيطانية"، إذ لم يكن في الأغوار سوى بؤرتين رعويتين، بينما تجاوز العدد اليوم 30، إلى جانب عشرات أخرى في مناطق مختلفة من الضفة.


رغم أن هذه البؤر غير قانونية وفق التشريعات الإسرائيلية ذاتها، فإنها حظيت خلال السنوات الأخيرة بدعم علني من قادة عسكريين ومسؤولين حكوميين.


وأشارت "هآرتس" إلى أن الإدارة المدنية حاولت إصدار أوامر إخلاء، إلا أن الجيش رفض تنفيذها، بل ووفّر حماية مباشرة للمستوطنين.


وتضمن تقرير هأرتس شهادات خطيرة بينها تسجيل صوتي مسرّب لرئيس المجلس الاستيطاني في الأغوار، دافيد إلحياني، عام 2017، يؤكد أن نوما أعطى موافقته المباشرة على إقامة البؤر.


كما ذكرت أن بعض هذه البؤر ارتبطت بشكل غير قانوني بشبكات مياه تابعة لقاعد عسكرية، ولم تُفكك رغم إعلان الجيش فتح تحقيق.


ولمتابعة كل ما يخص "عرب 48" يُمكنك متابعة قناتنا الإخبارية على تلجرام


مشروع كارثي


ووصف سكان فلسطينيون من الأغوار آثار هذا المشروع بأنها كارثية، إذ قال أحد أهالي خربة سمرة إن مزرعة أوري "استولت على جميع أراضينا"، مؤكداً أن مساحات واسعة مخصصة للرعي والزراعة حُرمت منها العائلات الفلسطينية، بينما حظي المستوطنون بالدعم العسكري.


ووفق التقرير، لعب ثلاثة مستوطنين خدموا سابقًا تحت قيادة نوما دور "وسطاء" رئيسيين: عومر عتيديا، إيتامار كوهين، ويتسحاق سكالي، وهؤلاء يمتلكون خبرة طويلة في إنشاء البؤر، بعضها يعود إلى أواخر التسعينيات.


وتبين أن بؤرهم تشغّل شبانًا من خلفيات اجتماعية صعبة في أعمال زراعية وحراسات، بما يشبه إعادة تدوير "شبيبة التلال" داخل مشاريع استيطانية مؤسساتية.


حادثة موثقة لتهديد رعاة فلسطينيين بالسلاح


وأظهرت حادثة موثقة عام 2023 كيف ارتدى المستوطن كوهين زيًا عسكريًا وهو يهدد رعاة فلسطينيين بالسلاح، مانعًا إياهم من دخول أراضٍ اعتادوا على استغلالها لعقود.


وتؤكد الصحيفة أن علاقات كوهين الوثيقة بضباط في الإدارة المدنية مكنت بؤرته من الاستمرار رغم وضعها غير القانوني.


اللافت أن العلاقة بين الجيش والبؤر لم تعد بحاجة إلى إخفاء، فقد ظهر رئيس أركان الجيش الحالي، إيال زامير، إلى جانب قائد المنطقة الوسطى آفي بلوت، في زيارة لإحدى هذه البؤر، ما يعكس تحولها إلى شراكة معلنة.


70 بؤرة استيطانية منذ 2015 وحتى اليوم


معطيات "هآرتس" تشير إلى أن عدد البؤر الرعوية ارتفع من 21 عام 2015 إلى أكثر من 70 اليوم، وربما يصل إلى 190 وفق تقديرات منظمة "كرِم نابوت". نصف هذه البؤر أُنشئ منذ عام 2024، وتحظى بدعم مباشر من حركة "أمانا" الاستيطانية المقرّبة من رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو.


كما لفت التقرير إلى أن الجيش بات يعتبر هذه البؤر "أصولًا أمنية"، مخصصًا لها جنودًا للحماية، ومطالبًا بتمويل أسوار وكاميرات وطرق وصول. وزارة الاستيطان من جهتها، موّلت بالملايين تجهيزات لهذه المواقع، رغم أن القانون الإسرائيلي يصفها بغير الشرعية.


ويخلص التقرير إلى أن المشروع الذي بدأ كخطة "لإبعاد المستوطنين المتطرفين عن العنف"، تحول في غضون ثمانية أعوام إلى سياسة ممنهجة، تؤدي إلى طرد الفلسطينيين من أراضيهم وتكريس السيطرة الإسرائيلية على الأغوار ومناطق أخرى من الضفة، وسط صمت رسمي وتواطؤ عسكري واضح.


اقرأ أيضا

تصريحات نتنياهو بشأن تهجير الفلسطينيين تثير موجة إدانات عربية ودولية واسعة

يتم الاستخدام المواد وفقًا للمادة 27 أ من قانون حقوق التأليف والنشر 2007، وإن كنت تعتقد أنه تم انتهاك حقك، بصفتك مالكًا لهذه الحقوق في المواد التي تظهر على الموقع، فيمكنك التواصل معنا عبر البريد الإلكتروني على العنوان التالي: info@ashams.com والطلب بالتوقف عن استخدام المواد، مع ذكر اسمك الكامل ورقم هاتفك وإرفاق تصوير للشاشة ورابط للصفحة ذات الصلة على موقع الشمس. وشكرًا!

phone Icon

احصل على تطبيق اذاعة الشمس وكن على
إطلاع دائم بالأخبار أولاً بأول

Download on the App Store Get it on Google Play