اعتبر المحلل السياسي طارق وهبة أن مسألة الاعتراف بدولة فلسطين، رغم أهمية الخطوة الرمزية التي شهدتها الأمم المتحدة، لا تزال تواجه تحديات عملية وجذرية تتعلق بمفهوم الأرض والحدود والشرعية الداخلية، وأن الحسم النهائي في مسألة الدولة الفلسطينية مرهون بالمدى الذي ستتخذه الولايات المتحدة وإسرائيل في الميدان السياسي.
وقال وهبة، في حديث تحليلي، إن خطوات الاعتراف الدولي التي شهدتها السنوات الماضية مهمة من الناحية الرمزية والسياسية، لكنها لا تغني عن العناصر الأساسية لتكوين دولة فعلية (أرض، شعب، ودستور). وأوضح أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يركز موقفه الحالي على حاجات غزة دون الرغبة بالذهاب أبعد إلى الضفة الغربية، بينما يتصدى رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو بشكل قاطع لأي مفهوم لدولة فلسطينية، وهو ما يعكس تعارضاً مع الشرعية الدولية ومواقف بعض الدول الأوروبية.
وأضاف وهبة أن القرار الأمريكي يبقى الفاصل، مشيراً إلى أن الإدارة الأمريكية منحت إسرائيل هامش تحرك في العديد من القضايا، ما جعل مواقف كل من فرنسا وبريطانيا تتأرجح بين التحذير والممارسة الدبلوماسية المحدودة. وبحسب تحليله، فإن واشنطن تملك القدرة على إنهاء أو تمديد الصراع عبر سياساتها وقراراتها، وأن أي حل شامل لا يمكن أن يتحقق دون توافق أمريكي أو ضغط غربي فعّال.
وأشار المحلل إلى أن المشهد الدولي شهد تحوّلاً في الرأي العام العالمي، مع تراجع الصورة التقليدية لإسرائيل كـ"ضحية" لدى قطاعات كبيرة من الشارع الأوروبي والأمريكي، ما ينعكس بدوره على مواقف بعض الدول تجاه الاستيطان وضم الأراضي الفلسطينية. لكنه حذر في الوقت ذاته من احتمال تصعيد إسرائيلي–أمريكي في حال استمرار سياسات نتنياهو واليمين المتطرف، معتبراً أن هذا التصعيد قد يولّد تداعيات إقليمية واسعة.
وعن العلاقة بين التطورات الدولية والداخلية، شدد وهبة على أن السلطة الفلسطينية ليست في وضع جيد لإدارة مرحلة ما بعد الاعتراف، إذ فقدت الكثير من أدواتها وشرعيتها السياسية والمالية، وهو ما يعقّد أي انتقال سلس للسلطة. كما تطرق إلى احتمال انعكاسات سياسية داخلية ودولية على مواقف الإدارة الأمريكية، معتبراً أن التحولات في الرأي العام الأمريكي، وحتى داخل الحزبين، قد تؤثر على سياسات واشنطن المستقبلية.
وختم وهبة بالقول إن الحلول الفعلية تتطلب أكثر من اعترافات رمزية؛ فهي تحتاج لسياسات دولية متسقة وضغوط فعلية على إسرائيل لوقف الاستيطان وفتح طريق حقيقي نحو دولة فلسطينية مستقلة قابلة للحياة.