غزة تبحث عن أبنائها بين الجثامين المرمّزة.. رحلة التعرف وسط الألم والصمت

shutterstock

shutterstock

في قاعة صغيرة داخل مستشفى ناصر جنوب قطاع غزة، تتجمع العائلات أمام شاشة عرض كبيرة، يحدقون في صور صامتة لجثامين مجهولة الهوية أعادتها إسرائيل عبر اللجنة الدولية للصليب الأحمر.. لا أسماء، لا بيانات، فقط رموز وأرقام، وملامح مشوهة بفعل التعذيب والحرق، تحاول العيون أن تستنطقها بحثًا عن خيط يقود إلى من فقدوهم منذ شهور.



جثامين بلا ملامح.. وأمل لا يموت


وزارة الصحة في غزة تسلمت 120 جثمانًا على ثلاث دفعات، وفق ما أكده إسماعيل الثوابتة، مدير المكتب الإعلامي الحكومي. بعض الجثامين تحمل آثارًا مروعة: حروق، تقييد، وربط من العنق، ما يشير إلى إعدامات ميدانية، ورغم قلة الإمكانيات، يحاول الأطباء توثيق كل جثمان، مستعينين بأدوات بسيطة وقلوب مثقلة بالحزن.


أكرم المناصرة، أحد المواطنين، نجح بعد ساعات من التدقيق في التعرف على جثمان أحد ابنيه المفقودين منذ 7 أكتوبر. "تعرفت عليه من شامة عند الأنف وشكل الأسنان"، يقول وهو يحبس دموعه، مضيفًا: "ملامح الوجه تغيرت كثيرًا، لكن القلب لا يخطئ".


رموز بدل الأسماء.. والطب الشرعي في مأزق


مدير الطب الشرعي أحمد ضهير أوضح أن الجثامين مرمّزة من 1 إلى 90، دون أي توضيح لطبيعة هذه الرموز، وأضاف: "لا نملك مختبرات أو أدوات فحص دقيقة، وبيانات الجانب الإسرائيلي شبه معدومة"، ولهذا، أطلقت وزارة الصحة رابطًا إلكترونيًا يتيح للعائلات التعرف عن بعد، قبل استدعائهم للتعرف الميداني.


ولمتابعة كل ما يخص "عرب 48" يُمكنك متابعة قناتنا الإخبارية على تلجرام


الجثامين التي لا يتم التعرف عليها خلال خمسة أيام تُدفن وفق خريطة مكانية تحفظ موقع كل جثمان، لضمان إمكانية الاستدلال عليه مستقبلًا.


أرقام مرعبة ومصير مجهول


قبل وقف إطلاق النار، كانت إسرائيل تحتجز 735 جثمانًا في "مقابر الأرقام"، إضافة إلى نحو 1500 جثمان في معسكر سدي تيمان، بحسب تقرير نشرته صحيفة "هآرتس". هذه المقابر لا تحمل شواهد، فقط أرقام معدنية، ولكل رقم ملف خاص لدى الجهات الأمنية.


منذ 8 أكتوبر، قُتل نحو 67,967 فلسطينيًا، وأُصيب أكثر من 170,000، معظمهم من النساء والأطفال، وفق بيانات حكومية في غزة، كما تشير التقديرات إلى وجود نحو 9500 مفقود، يُعتقد أن بعضهم لا يزال تحت الأنقاض.


بين الصور المرمّزة والوجوه المشوهة، يقف أهالي غزة في مواجهة الحقيقة القاسية: البحث عن الأحبة وسط الرماد، ورغم الألم، لا يزال الأمل حاضرًا، بأن تُعرف كل جثة، ويُكرم كل ضحية، وتُكتب لكل قصة نهاية تليق بها.


طالع أيضًا:

حماس: جثث الرهائن المتبقية تحت الركام وتتطلب معدات خاصة للبحث عنها

يتم الاستخدام المواد وفقًا للمادة 27 أ من قانون حقوق التأليف والنشر 2007، وإن كنت تعتقد أنه تم انتهاك حقك، بصفتك مالكًا لهذه الحقوق في المواد التي تظهر على الموقع، فيمكنك التواصل معنا عبر البريد الإلكتروني على العنوان التالي: info@ashams.com والطلب بالتوقف عن استخدام المواد، مع ذكر اسمك الكامل ورقم هاتفك وإرفاق تصوير للشاشة ورابط للصفحة ذات الصلة على موقع الشمس. وشكرًا!

phone Icon

احصل على تطبيق اذاعة الشمس وكن على
إطلاع دائم بالأخبار أولاً بأول

Download on the App Store Get it on Google Play