في ظل استمرار النقاش حول ضعف مشاركة النساء في الحياة السياسية داخل المجتمع العربي، أكدت كل من نائلة عواد، مديرة جمعية "نساء ضد العنف"، والمحامية حنان الصانع، المديرة العامة الشريكة في جمعية "إيتاخ–معك"، أن تغييب النساء عن مواقع صنع القرار يعود إلى بنية مجتمعية ذكورية ومؤسساتية تهمّش النساء وتقصي أصواتهن.
نائلة عواد: النساء يُقصين من مواقع القرار رغم وجودهن الميداني
وقالت نائلة عواد، خلال حديثها ضمن برنامج أول خبر عبر إذاعة الشمس، إن “العزوف عن مشاركة النساء في السياسة لا يتعلق بإرادتهن بقدر ما يعكس تركيبة مجتمع ذكوري يهمّش المرأة ويقصيها عن مراكز التأثير”.
وأوضحت أن النساء العربيات موجودات في الميدان والنضال والعمل المجتمعي منذ سنوات طويلة، لكنهن ما زلن يواجهن تهميشًا داخل الأحزاب السياسية والهيئات القيادية، رغم مساهمتهن الواضحة في قضايا النضال ضد العنصرية والفاشية والتمييز.
وأضافت عواد أن أحد أبرز العوائق أمام النساء يتمثل في غياب تقاسم الأدوار داخل الأسرة والمجتمع، مشيرة إلى أنه “لا يعقل أن تُعقد الاجتماعات السياسية في ساعات المساء دون مراعاة لمسؤوليات المرأة في البيت ورعاية الأطفال”.
حنان الصانع: المشاركة النسائية تراجعت رغم الجهود الطويلة
من جانبها، شدّدت المحامية حنان الصانع على أن التراجع في مشاركة النساء العربيات في السياسة “أصبح واضحًا ومقلقًا”، موضحة أن “النساء العربيات شغلن مناصب مؤثرة منذ السبعينيات، لكن السنوات الأخيرة شهدت تراجعًا كبيرًا بسبب تفاقم الأوضاع الاجتماعية والسياسية”.
وأضافت الصانع أن الحديث عن التطور التدريجي “لم يعد مقنعًا”، مؤكدة أن “المجتمع العربي يحتاج إلى ثورة شاملة في وعيه تجاه النساء، لأن استمرار التهميش يعمّق أزمات العنف والجريمة، ويُضعف فرص التغيير الحقيقي”.
وفي ردّها على سؤال حول الخلافات داخل الأطر النسوية، أكدت عواد أن الجمعيات النسوية “كانت دائمًا نموذجًا للتحالفات الناجحة من أجل قضايا النساء”، مشيرة إلى أن الجمعيات خاضت منذ عام 2003 معارك متواصلة لانتزاع تمثيل النساء في لجنة المتابعة والسلطات المحلية، ونجحت في تعديل دستور اللجنة ليشمل بندًا يضمن تمثيلًا نسائيًا دائمًا.
لكنها لفتت إلى أن هذا التمثيل ما زال ناقصًا، رغم زيادة عدد النساء المنتخبات في السلطات المحلية إلى 22 امرأة، مقارنة بأربع فقط عام 2005، مضيفة أن “التحديات الأمنية والاجتماعية، ومنها تفشي الجريمة، تؤثر أيضًا على قدرة النساء على المشاركة السياسية”.
أما الصانع فاعتبرت أن الأحزاب السياسية تتحمّل جزءًا كبيرًا من المسؤولية، “لأنها ما زالت تحدّ من حرية النساء داخلها، وتمنع بروز أصوات جديدة من الجيل الشاب”، لكنها أشارت إلى وجود “جيل نسوي جديد من الشابات والناشطات اللواتي يعملن على تطوير أدواتهن وتنظيم أنفسهن لتقديم بدائل واقعية للمشهد القائم”.
وختمت نائلة عواد حديثها بالتأكيد على أن “تغييب النساء عن مواقع اتخاذ القرار هو أحد الأسباب المركزية للأزمات التي يعيشها المجتمع العربي”، داعية إلى العمل المشترك بين الرجال والنساء من أجل بناء واقع سياسي أكثر عدلاً ومساواة.