دخل الجدل المحتدم حول قانون إعفاء الحريديين من الخدمة العسكرية مرحلة جديدة وحاسمة، بعد إعلان حزب "ديغل هتوراة" أحد الحزبين المكوِّنين لكتلة "يهدوت هتوراة"، أن زعيمه الديني البارز، الحاخام دوف لاندو، قرر دعم سنّ القانون، مُنهياً بذلك آخر أشكال المعارضة داخل المعسكر الحريدي للمضي قدماً في الإجراءات التشريعية.
ويُعتبر هذا القرار خطوة محورية في مسار القانون الذي فجر أزمة داخل ائتلاف رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، مهدداً بتفككه في أكثر من مرحلة.
مشروع القانون سيُعرض بكامل صياغته على مجلس حكماء إسرائيل
وجاء في بيان الحزب، الصادر اليوم الأربعاء، أن مشروع القانون سيُعرض بكامل صياغته على مجلس حكماء إسرائيل قبل التصويت عليه في الكنيست، حيث سيُتخذ القرار النهائي بشأن طريقة تصويت أعضاء الحزب.
ويُعد هذا الإعلان بمثابة ضوء أخضر لتقدم تشريعي طال انتظاره، كان قد تعثر على خلفية تنافس داخلي بين معسكرَي الحاخامين لاندو وموشيه هيلل هيرش، حول الجهة التي تمتلك الكلمة الفصل داخل "ديغل هتوراة".
وكان هيرش قد دفع قبل أسبوعين باتجاه تبني القانون بعد إدخال تعديلات جوهرية على بنود مركزية منه، وهو ما مهد الطريق أمام موافقة لاندو اليوم.
قرار لاندو حزب "شاس" يدفع إلى إعلان دعمه النهائي للقانون
ويرجح مراقبون أن يدفع قرار لاندو حزب "شاس" إلى إعلان دعمه النهائي للقانون، خاصة بعد أن أكد زعيمه أرييه درعي أنه ينتظر مصادقة المرجعيات الدينية الأشكنازية.
ورغم التقدم السياسي، إلا أن استكمال مراحل التشريع – ولا سيما القراءتين الثانية والثالثة – سيستغرق وقتاً أطول. إذ تعمل دائرة الاستشارة القانونية في لجنة الخارجية والأمن على إدخال تعديلات جوهرية على الصيغة التي قدّمها رئيس اللجنة، بوعاز بيسموت.
ولمتابعة كل ما يخص "عرب 48" يُمكنك متابعة قناتنا الإخبارية على تلجرام
فرض عقوبات فورية على المتخلفين عن التجنيد
وتشمل هذه التعديلات فرض عقوبات فورية على المتخلفين عن التجنيد، وإلزام طلاب الييشيفوت بإثبات حضورهم عبر بصمة الإصبع، إلى جانب تحديد عدد المجنّدين الحريديين المطلوبين في العام القادم بنحو 5700 مجند.
وترى الأحزاب الحريدية أن هذا العدد يمكن تحقيقه خلال العامين المقبلين، لكنها تسعى إلى خفضه وإعادة صياغة بنود عدة داخل مشروع القانون.
وكان بيسموت قد خفف العقوبات الاجتماعية والشخصية مقارنة بمشروع سابق قدّمه يولي إدلشتاين، الذي فُصل اليوم من عضوية اللجنة بقرار من نتنياهو.
وتتضمن الصيغة الحالية قيوداً مثل منع إصدار رخصة قيادة أو مغادرة البلاد حتى سن 23 لأي طالب ييشيفا لا يخدم عسكرياً ولا يحصل على إعفاء رسمي، إضافة إلى حرمانه من التقدم لوظائف حكومية أو الحصول على تسهيلات ضريبية.
وترتفع العقوبات لتصبح جماعية في حال عدم بلوغ الحد الأدنى من التجنيد (4800 مجند)، وتشمل وقف دعم الحضانات الحريدية ومنع التقدم لمشاريع الإسكان المخفضة.
ضغط قضائي غير مسبوق
بالتزامن مع التحركات السياسية، دخلت المحكمة العليا على الخط بقوة، بعد أن أصدرت اليوم قراراً جماعياً يُلزم الحكومة بتسريع إنفاذ القانون الجنائي والاقتصادي ضد المتهرّبين من التجنيد خلال 45 يوماً.
وشددت المحكمة على أن الحكومة لا يمكنها الالتفاف على العقوبات من خلال تمويل غير مباشر للطلاب المتهرّبين.
واعتبر القضاة أن الحكومة تتنكر لواجبها في تطبيق قانون الخدمة الأمنية، محذرين من أن التسويف الحكومي المتكرر أصبح يمس بصراخ الذين يتحملون عبء الخدمة العسكرية، في ظل التحديات الأمنية الهائلة التي تواجه إسرائيل.
التماسات لتطبيق حكم سابق للمحكمة
ويأتي القرار ضمن سلسلة التماسات طالبت بتطبيق حكم سابق للمحكمة صدر في حزيران/يونيو 2024، يمنع الحكومة من مواصلة سياسة الإعفاء الشامل للحريديين.
وكانت المحكمة قد ناقشت قبل ثلاثة أسابيع معطيات تشير إلى أن أوامر التجنيد للحريديين تُرسل بأعداد أقل بكثير من المطلوب، فيما لا تُفرض العقوبات الضرورية ضد طلاب الييشيفوت المتخلّفين.
وبين المفاوضات السياسية والتدخل القضائي، يبدو أن أزمة قانون تجنيد الحريديين تتجه نحو محطة مفصلية قد تعيد تشكيل العلاقة بين المؤسسة العسكرية والقطاعات الدينية، وتحدد مستقبل الائتلاف الحكومي نفسه.
اقرأ أيضا
توتر في الكنيست بسبب قانون إعدام الأسرى.. نقابة الأطباء تحظر المشاركة
